وقال حبيب بن مظاهر :
|
« رحمك الله قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك ، وأنا والله الذي لا إله إلا هو على مثل ما أنت عليه ». |
وقال سعيد الحنفي مثل قولهما (١).
وقد ثبت هؤلاء الأطهار في الدفاع عن آل نبيهم حفظا للعهد وأداء لأجر الرسالة فأعلنوا بما انطوت عليه جوانحهم من صدق المفادات والإخلاص في النهضة ، وما غيّروا وما بدّلوا ، ومما يؤكد ما أشار إليه عابس وصحبه حديث علي بن الحجاج قال : سألت محمد بن بشير الهمداني هل كان منك قول أنت؟ فقال له : إني كنت أحب أن يعز أصحابي بالظفر وما كنت لأحب أن أقتل وكرهت أن أكذب (٢).
فإن قوله : « وكرهت أن أكذب » شهادة صدق على خداع القوم وكذبهم في ذلك الهتاف بالترحيب ومد الأكف للبيعة.
أما البيعة التي أخذها مسلم من الكوفيين فهي على حد البيعة التي أخذها رسول الله من الأوس والخزرج في العقبة الثانية (٣) وفي يوم الفتح وأخذها من المسلمين يوم الغدير وأخذها أمير المؤمنين يوم بويع وأخذها الحسن من أهل الكوفة بعد شهادة أبيه الوصي فإنها في كل ذلك عبارة عن الدعوة الى كتاب الله وسنة رسوله وجهاد الظالمين ، والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين ، وقسمة الفيء بين المسلمين بالسويّة ، ورد المظالم الى أهلها ، ونصرة أهل البيت على من نصب لهم العداوة والبغضاء وجهل حقهم والمسالمة لمن سالموا والحرب لمن حاربوا من دون رد لقولهم ، ولا تخطئة لفعلهم ولا تفنيد لرأيهم.
وإن المؤرخين وان أغفلوا نص البيعة التي أخذها مسلم عليهالسلام من الكوفيين كما أغفلوا الكثير من آثار أهل البيت التي تستفيد الأمة منها تعاليم راقية في
__________________
١) الطبري ج٦ ص١٩٩.
٢) المصدر.
٣) السيرة الحلبية ج٢ ص١٧ وذكر أنهم خمس وسبعون رجلا فقال لهم رسول الله : أخرجوا لي اثني عشر نقيبا كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا يكونوا كفلاء على قومهم ككفالة الحواريين لعيسى ابن مرم وأنا كفيل على من معي من المهاجرين فاختاروا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس وهنا كلام للعباس بن عبدالمطلب في المحافظة على رسول الله ينم عن عقيدته الراسخة بالتوحيد والإيمان منذ البعثة فلا يعبأ بما ذكره المؤرخون من إسلامه بعد بدر.