التهذيب والإصلاح لكنا نقطع بأن داعية « إمام الحق » لم يتخط طريقة النبي وخلفائه المعصومين المقيضين لإرشاد البشر بما يجب عليهم من أمر الدين والدنيا ، وأنهم كانوا في أخذ البيعة على هذا النهج.
وبعد أن فرغ من التعريف بأمر البيعة الذي يراد منهم ، تداك الناس يمسحون أيديهم على يده يهتفون بالرضا والتسليم كما فعل الأنصار مع النبي صلىاللهعليهوآله ليلة العقبة ، وقريش يوم الفتح ، والمسلمون يوم الغدير ، وأهل المدينة يوم بويع أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأهل الكوفة مع السبط الزكي ـ عليهالسلام ، فإن هذا هو المعروف فيمن يبايع يمسحون أيديهم على يده. نعم في بيعة النساء يوم الفتح جيء باناء فيه ماء وغمس النبي يده في الماء ، وكل امرأة تأتي للبيعة تغمس يدها في ذلك الماء.
فبلغ عدد من بايع مسلما عليهالسلام ثمانية عشر ألفا أو خمسة وعشرين ألفا (٤) وفي حديث الشعبي أنهم أربعون ألفا (٥) ، وسرعان ما انقلبوا على أعقابهم فخسروا شرف الدنيا كما عداهم الفوز في الدين وخلدوها صحيفة سوداء يتلوها الملوان ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
لما أحصى ديوان مسلم ذلك العدد الكثير من المبايعين كتب الى الحسين مع عابس بن أبي شبيب الشاكري وقيس بن مسهر الصيداوي يخبرة باجتماعهم على رأيه وطاعته وانتظارهم لقدومه وفيه يقول :
|
« الرائد لايكذب أهله وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً فعجّل الإقبال حين يأتيك كتابي ». |
وكان هذا قبل مقتل مسلم بسبع وعشرين يوما (٦) وانضم اليه كتاب أهل الكوفة فيه : عجل القدوم يا ابن رسول الله فإن لك بالكوفة مائة ألف سيف فلا تتأخر (٧).
__________________
٤) مناقب ابن شهر آشوب ج٢ ص٢١٠.
٥) مثير الأحزان لابن نما ص١١.
٦) الطبري ج٦ ص٢٢٤.
٧) البحار ج١٠ ص١٨٥.