الجهة الأولى : أنّ زعمه لم ير من تعرض لذلك مردود عليه بأنّ المناوي ـ وهو من معاصريه ، إذ بين وفاتيهما اثنتي عشرة سنة ، فقد مات المناوي سنة ١٠٠٤ هـ ومات الملا علي سنة ١٠١٦ هـ ـ قد ذكر ذلك ، وكان الرجل أكثر أمانة حين حكاه عن القسطلاني ، فإذا كان الملا علي لم ير شرح المناوي على الشمائل ـ وأكبر الظن أنّه رآه وافاد منه ـ فلا ريب عندي انّه رأى كلام القسطلاني الذي نقله عنه المناوي ، وإليك ذلك بلفظه في شرح الشمائل المطبوع بهامش شرح الملا علي القاريء.
قال المناوي تعقيباً على الحديث المذكور : تنبيه ، قوله آنفاً : وهي بنت بنته زينب هو ما ذكره الشارح (١) وغيره ، فراراً مما أورد على إطلاق البنت من أنّ المصطفى صلىاللهعليهوسلم كان له أربع بنات وكلهنّ بلغن التزويج ، وثلاثة منهن وإن متن في حياته لا يصلح لواحدة منهنّ أن يقال في حقها صغيرة ، وقد وصفها في رواية النسائي في هذا الحديث بالصغر.
فتعيّن أن يراد إحدى بنات بناته ، لكنه مع ذلك قد استشكل أيضاً بأنّه لم ينقل بأنّ ابنة احدى بناته ماتت صغيرة ، إلا ما رواه أحمد عن الهندي قال : ( أتي النبي صلىاللهعليهوسلم بأمامة بنت زينب وهي في النزع فدمعت عيناه ) ويعارضه أنّ أهل العلم بالأخبار اتفقوا على أنّ امامة عاشت بعد النبي حتى تزوجها على بن أبي طالب بعد موت فاطمة وقتل عنها ، وحملوا رواية أحمد على أنّها أشرفت على الموت ولم تمت.
فإما أن يقال وقع وهم في هذا الحديث ، إما في قوله : ( تقضي ) وقوله : ( وهي تموت بين يديه ) وأما في قوله ( ابنته ) والصواب ابنه ، ويكون المراد أحد بنيه القاسم أو عبد الله أو إبراهيم ، ويحتمل : أنّ المراد ابن بعض بناته ، إما محسن بن
_____________________
١ ـ يعني به ابن حجر فإنّ له شرح الشمائل ، وقد نبّه المناوي في مقدمة كتابه أنّه المراد بقوله ( الشارح ) فراجع.