الإسقاط ونسبه إلى الشيعة ، وأحسبه أراد التخلّص من صراع نفسي مرير ، يتجاذبه كتمان أمر المحسن كلية ، وذكره منسوباً إلى الشيعة ، فرأى في الثاني ما يخفّف عنه وطأة الصراع ، ويضع عنه مسؤولية الكتمان وإصر التبعة ، وإلا فسيلقى المصير الذي لاقاه أحمد بن محمد بن محمد ابن السريّ بن يحيى بن أبي دارم المحدث ، فقد « كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثم في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، قال ـ الراوي ـ : حضرته ورجل يقرأ عليه : إنّ عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسّن » راجع قصة هذا المحدث في ترجمته عند الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال (١).
ولا يزال غير واحد يعيش هذا الصراع النفسي المحرج المكبوت ، فهو يتأرجح بين الموروث بمآسيه وبين الحقائق الثابتة ، فيعبّر عنها بلسان غيره ، ومن أولى بذلك من الشيعة ، فانظر مثلاً إلى الدكتور أحمد محمود صبحي مدرس الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الاسكندرية حيث يقول في كتابه نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثني عشرية (٢) ( تحليل فلسفي للعقيدة ) وهو يتحدّث عن حديث المنزلة :
« ولا يقف الشبه بين علي وهارون إلى حد الصفات المثبتة في حق هارون كما هي مستخلصة من القرآن ، بل يضيف الشيعة خصائص اُخرى شخصية ، فقد أبى النبي إلا أن تكون أسماء بني علي مماثلة لأسماء بني هارون ، فسمّاهم حسناً وحسيناً ومحسناً قائلاً : إنّما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبّر ... ».
وعلّق على اسم المحسن فقال في الهامش : « يقال : مات صغيراً ، ويقال : إنّ عمر ركل فاطمة لمجافاتها أبا بكر في الخلافة وفدك ، فأجهضت محسناً جنيناً ، ولا شك أنّ القول الأول أصح ، وإلّا فما يبرر تسمية جنين ميت ».
_____________________
١ ـ ميزان الاعتدال ١ : ١٣٩ ؛ ولاحظ سير أعلام النبلاء له أيضاً ١٥ : ٥٧٨ ؛ وعنه ابن حجر في كتابه لسان الميزان ١ : ٢٦٨.
٢ ـ نظرية الإمامة : ٢٢٦.