فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار ، فقام عثمان بن عفان ومن معه من بني أمية فبايعوه ، وقام سعد وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بني زهرة فبايعوا.
وأما علي والعباس بن عبد المطلب ومن معهما من بني هاشم ، فانصرفوا إلى رحالهم ومعهم الزبير بن العوام ، فذهب اليهم عمر في عصابة فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن اشيم ، فقالوا : انطلقوا فبايعوا أبا بكر ، فأبوا ، فخرج الزبير بن العوام بالسيف ، فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار ، وانطلقوا به فبايع ، وذهب بنو هاشم أيضاً فبايعوا.
وفي هذا الخبر تطالعنا ثلاثة أمور لم نقف عليها من قبل فيما عرضناه من المصادر :
الأول : وهو تكتلات سياسية قبلية ، تجمّعت في المسجد الشريف ، وما اجتمعت ، مما يدل على تباين في وجهات النظر.
الثاني : هيمنة عمر بن الخطاب على الموقف المتأزم ، وبمجرد دعوة أولئك النفر المتحلقين المتخلفين إلى بيعة أبي بكر قاموا فبايعوا.
الثالث : بيعة بني هاشم.
وليس في الأمر الأول والثاني ما يستدعي النظر فيهما ، لكن الأمر الثالث وهو بيعة بني هاشم يومئذٍ لافت للنظر ، وهو مما انفرد ابن قتيبة بروايته ، إذ أنّ بني هاشم ما بايعوا حتى بايع الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو لم يبايع إلّا بعد ستة أشهر حيث انصرفت وجوه الناس عنه بعد موت الزهراء عليهاالسلام ، فضرع لفك الحصار الإجتماعي خشية تطوّره إلى المقاطعة ، فيحل به ومعه بنو هاشم مثل ما حلّ بهم من قبل في مكة المكرمة إبان الدعوة الإسلامية ، حين حوصروا في شعب أبي طالب عليهالسلام.
النص الثالث : قال (١) ( إباية علي ـ كرّم الله وجهه ـ بيعة أبي بكر ).
_____________________
١ ـ المصدر نفسه ١ : ١٢.