وقال بشير بن سعد الأنصاري : لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلفت عليك ، قال : وخرج علي ـ كرّم الله وجهه ـ يحمل فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم على دابة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنّ زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا عنه ، فيقول علي ـ كرّم الله وجهه ـ : أفكنت أدعُ رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيته لم أدفنه ، وأخرج أنازع الناس سلطانه ؟
فقالت فاطمة : ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم.
النص الرابع : ( كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ).
قال (١) : وإنّ أبا بكر تفقد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي ـ كرّم الله وجهه ـ ، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم في دار علي ، فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها على مَن فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة ، قال : وإن.
فخرجوا فبايعوا إلا علياً ، فإنّه زعم أنّه قال : حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن ، فوقفت فاطمة رضياللهعنها على بابها فقالت : لا عهد لي بقوم حضروا أسوء محضر منكم ، تركتم رسول الله صلىاللهعليهوسلم جنازة بين أيدينا ، وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقّاً.
فأتى عمر أبا بكر فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ، فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له : إذهب فادع لي علياً ، قال : فذهب إلى علي ، فقال له : ما حاجتك ؟ فقال : يدعوك خليفة رسول الله ، فقال علي : لسريع ما كذبتم على رسول الله ، فرجع فأبلغ الرسالة ، قال : فبكى أبو بكر طويلاً.
_____________________
١ ـ المصدر نفسه ١ : ١٣.