قال : فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة حتى دخلوا على العباس رضياللهعنه ، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثم قال : إنّ الله بعث محمداً صلىاللهعليهوسلم نبياً وللمؤمنين ولياً ، فمنّ الله تعالى بمقامه بين أظهرنا حتى اختار الله له ما عنده ، فخلى على الناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم متفقين لا مختلفين ، فاختاروني عليهم والياً ولأمورهم راعياً ، وما أخاف بحمد الله وهناً ولاحيرة ولا جبناً ، وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم عليه توكلت وإليه أنيب.
وما زال يبلغني عن طاعن يطعن بخلاف ما اجتمعت عليه عامة المسلمين ، ويتخذونكم لحافاً ( لجأ / ظ ) فاحذروا أن تكونوا جهد المنيع ، فإما دخلتم فيما دخل فيه العامة ، أو دفعتموهم عما مالوا إليه ، وقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيباً ، يكون لك ولعقبك من بعدك ، إذ كنت عم رسول الله ، وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان أصحابك فعدلوا الأمر عنكم ، على رسلكم بني عبد المطلب فإن رسول الله منّا ومنكم.
ثم قال عمر : أي والله واخرى إنّا لم نأتكم حاجة منّا إليكم ، ولكنا كرهنا أن يكون الطعن منكم فيما اجتمع عليه العامة فيتفاقم الخطب بكم وبهم ، فانظروا لأنفسكم ولعامتكم.
فتكلم العباس فحمد
الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنّ الله بعث محمداً كما زعمت نبياً وللمؤمنين ولياً ، فمنّ الله بمقامه بين أظهرنا حتى اختار له ما عنده ، فخلّى
على الناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين للحق لا مائلين عنه بزيغ الهوى ، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم متقدمون فيهم ، وإن كان هذا الأمر إنّما يجب لك بالمؤمنين ، فما وجب إذ كنّا كارهين ، فأما ما بذلت لنا فإن يكن حقاً لك فلا حاجة لنا فيه ، وإن يكن حقاً للمؤمنين فليس لك أن تحكم عليهم ، وإن كان حقنا لم نرض عنك فيه ببعض