هذا الأمر ، فبرّ الناس تبع لبرّهم ، وفاجرهم تبع لفاجرهم ، قال : فقال سعد : صدقت فنحن الوزراء وأنتم الأمراء.
قال : فقال عمر : أبسط يدك يا أبا بكر فلأبايعك ، فقال أبو بكر : بل أنت يا عمر ، فأنت أقوى لها منّي ، قال : وكان عمر أشدّ الرجلين ، قال : وكان كل واحد منهما يريد صاحبه يفتح يده يضرب عليها ، ففتح عمر يد أبي بكر ، وقال : إنّ لك قوتي مع قوتك ، قال : فبايع الناس واستثبتوا للبيعة.
وتخلّف علي والزبير ، واخترط الزبير سيفه ، وقال : لا أغمده حتى يبايع عليّ ، فبلغ ذلك أبا بكر وعمر ، فقال عمر : خذوا سيف الزبير فاضربوا به الحجر ، قال : فانطلق إليهم عمر فجاء بهما تبعاً وقال : لتبايعان وأنتما طائعان ، أو لتبايعان وأنتما كارهان ، فبايعا. انتهى.
ونحن إزاء هذا النص وهو كسابقه فيه ضغث من حق وضغث من باطل ، لذلك نود تنبيه القارئ إلى ما فيه سنداً ومتناً من مواقع للنظر.
أما من ناحية السند فقد رواه الطبري عن زكريا بن يحيى الضرير ، أحسبه الوقار المصري ، قال ابن عدي : يصنع الحديث ، ووصفه صالح جزرة بأنّه من الكذابين الكبار.
عن ابن عوانة وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري ، قال ابن عبد البر : أجمعوا على أنّه ثقة فيما حدث من كتابه ، وقال : إذا حدث من حفظه ربما غلط.
عن داود بن عبد الله الأودي ، وثّقه ابن معين ، وقال أحمد : شيخ ثقة قديم.
عن حميد بن عبد الرحمن الحميري ، وثقه العجلي ، وقال ابن سعد : ثقة ، وروى عن علي بن أبي طالب.
هذا حال رجال الإسناد ، أما المتن فالخبر فيه عدة أمور تسترعي الإنتباه ، ولا نقول إنّ جميع الخبر مكذوب ، كما لا نقول هو صحيح بكل ما فيه مكتوب ، بل علينا بعد ثبوت تدوينه عند الطبري أن نتساءل عما فيه من جديد لم نقرأ مثله فيما سبق.