النص الثالث : قال (١) : الخلاف الخامس في الإمامة ، وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة ، إذ ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة في كل زمان ، وقد سهّل الله تعالى ذلك في الصدر الأول.
فاختلف المهاجرون والأنصار فيها ... وقال عمر : ... فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدي إليه ـ إلى أبي بكر ـ فبايعته وبايعه الناس ، وسكنت النائرة ، إلّا أنّ بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، فأيّما رجل بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين ، فإنّه لا يؤمر واحد منهما تغرّة أن يقتلا ....
ثم لما عاد إلى المسجد انثال الناس عليه ، وبايعوه عن رغبة سوى جماعة من بني هاشم وأبي سفيان من بني أمية ، وأمير المؤمنين علي ـ كرّم الله وجهه ـ كان مشغولاً بما أمره النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من تجهيزه ودفنه وملازمة قبره من غير منازعة ولا مدافعة.
النص الرابع : قال (٢) : الخلاف السادس في أمر فدك والتوراث عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، ودعوة فاطمة عليهاالسلام وراثة تارةً ، وتمليكاً أخرى ، حتى دُفعت عن ذلك بالرواية المشهورة عن النبي صلىاللهعليهوسلم : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، ما تركناه صدقة ).
فهذه النصوص التي اقتبسناها من كتاب الملل والنحل للشهرستاني ، فالأول والثاني صريحان في الخلاف على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومع ذلك قدّم لهما الرجل بأنّها اختلافات اجتهادية كما قيل ، ويبدو أنّه لم يرتض ذلك التفسير فعقبه بقوله : ( كما قيل ) مشعراً بالتمريض ، كما انّ ما أتبعه من تفسير للغرض هو عين المرض ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يكتب لأمته ما يعصمهم من الضلال فمنعه عمر ، وقال ما لا ينبغي
_____________________
١ ـ المصدر نفسه ١ : ١٦.
٢ ـ المصدر نفسه ١ : ١٧.