هذا الاختيار في تسمية أخويه الحسين والمحسن ، وأتم حق أبنائه في إحسان أسمائهم ، فاختار لهم أسماء النبي ، وأسلافه من الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان (١).
ولا نريد مناقشة العقّاد في تعليله العليل ؛ بأنّ علياً لشجاعته المنقطعة النظير ، كان يحبّ أن يعدّ ابنه فيرشحه لتلك الشجاعة عن طريق تسميته بحرب ؟!
وكأنّ مجرّد التسمية باسم صفة ، سوف يؤثّر خصائص تلك الصفة في المسمّى !؟ وما أدري بماذا يجيبُ ـ لو كان حياً ـ عن تخلّف الصفة فعلاً عن الموصوف بها اسماً ، فكم من اسمه اسد وهو في الحروب نعامة ، وكم من اسمه حاتم وهو في بخله زاد على ما در ، وكم وكم ... ، ولنا في أسماء الأضداد ما يغني عن إكثار الشواهد ، إذن ليس الأمر كما ذهب إليه العقّاد وغيره.
ثم هل لنا أن نسأل عن شجاعة أبناء عليّ التي ورثوها ، وكانت ظاهرة للعيان خصوصاً في حرب الجمل ، وصفين ، والنهروان ، هل كانت نتيجة تسميتهم بحرب ؟! وهذا ما لم يكن ولم يقع ، أم هي صناعة على نحو صناعات أبيهم كما قاله العقّاد فيه ! ثمّ ما بالنا نجد التفاوت في تلك الصناعة ، فيمتاز بعضهم على بعض في الحروب ، أوليسوا هم جميعاً خرّيجوا مدرسة واحدة ، والمربّي لهم واحد.
وما دام الإمام ـ إن صدقت الأحلام التي راودت مخيّلة الوضّاعين ـ كان يحب أن يكتنى بأبي حرب لأنّه يحبّ الحرب ، وقد حاول ثلاث مرّات أن يسمّي أحد أبنائه من ولد فاطمة عليهاالسلام فلم يقرّه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلماذا لم يسمّ أحد الباقين من أبنائه الّذين هم من غير فاطمة عليهاالسلام بهذا الاسم المحبّب إليه !! ولم يكن ثمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم موجوداً حتى يغيّره مثلاً.
_____________________
١ ـ موسوعة العقّاد ( العبقريات الإسلامية ) : ٨٢١.
أما عن تسمية أبناء الإمام بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان ، فقد روى البلاذري في أنساب الأشراف ٢ : ١٩٢ ، قال : وكان عمر ابن الخطاب سمّى عمر بن عليّ باسمه ووهب له غلاماً. أقول : وما يدرينا لعلّ في مخبآت الآثار ما يكشف أنّ عمر تبع مَنْ قبله في ذلك ، ومن أتى بعده كان على وتيرته ، على أنّه ورد في تسمية ابنه عثمان : سماه باسم عثمان بن مظعون السلف الصالح ، كما ورد في وصفه.