وحين يأبى عليه ذلك ، يطلب منه أن يرجع بالجيش عن محاربة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثانياً ، وحين يأبى ذلك يطلب إليه النزول إلى الحرب.
وأما الحروب التي بعد النبي صلىاللهعليهوسلم فقد فرضت عليه ، ولم يكن راغباً في إثارتها ، لولا بغي البغاة عليه ، من ناكثين وقاسطين ومارقين ، ومع ذلك كله كان لا يبدؤهم بقتال حتى يعذر إليهم ، يتريّث طويلاً ، ويبعث الرسل تلو الرسل إلى أعدائه ، بالأعذار تلو الأعذار ، ثم الإنذار تلو الإنذار ، يخوفهم عواقب البغي والعدوان ، ويحذّرهم مغبّة إغواء الشيطان لهم ، حذار عواقب الحرب الوخيمة ، حتى إذا تمادوا في طغيانهم ، وأصرّوا على منابذته ومناجزته ، ثم هُم بدؤوه بالقتال ، شمّر للحرب عن ساعده ، فخاض الغمرة وأصلاهم نارها ، وألزم عقباهم عارها.
هذا عليّ عليهالسلام الذي كان يحب الحرب !؟ نعم يخوض الحرب حين لا مناص من خوضها وقد شبّت وقدتها ، أما أنه يحبها ويدعو إليها فلا ، بل هو رجل السلم والسلام ، وما علم المسلمون الحكم في قتال أهل القبلة إلّا من سيرته في الحروب الثلاثة : الجمل وصفين والنهروان.
فهل مثل هذا الإنسان يمكن أن يقال فيه كان يحب أن يكتني بأبي حرب ، لأنه يحب الحرب ، ويجعل العقّاد من ذلك دليلاً على حسن اختيار الإمام لأحسن الأسماء لأبنائه ، على أنّ في باقي قوله بعد ذلك : وأتمّ حق أبنائه في إحسان أسمائهم فاختار لهم أسماء النبي صلىاللهعليهوسلم وأسلافه ، ما يستبعد اسم المعنى الوصفي ( لحرب ) فلاحظ.
والآن وبعد هذه التساؤلات التي استبعدت أن يكون المراد بحرب في زعم الزاعمين أن علياً أحب أن يكتنى بأبي حرب ، يعني الحرب ضد السلم ، إذن هل المراد بحرب اسم علم شخصي شغف الإمام به حباً ، فأحبّ أن يسمّي أحد أبنائه باسمه تيمناً به ، وإذا كان ذلك فمن هو ذلك صاحب الاسم المزعوم ؟