والسؤال الذي يفرض نفسه في المقام ، من هو القائل : ( فهما على ذلك إلى اليوم ) ؟ أهي عائشة ؟ أو هو عروة ؟ أو هو الزهري ؟ أو هم الرواة من بعده ؟ أو هو البخاري المتوفى ٢٥٦ هـ ؟.
الصورة الثانية : في كتاب الجهاد والسير (١) قال البخاري :
حدّثنا إسحاق بن محمد الفروي ، حدّثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، وكان محمد بن جبير ذكر لي ذكراً من حديثه ذلك ، فانطلقت حتى أدخل على مالك بن أوس فسألته عن ذلك الحديث ، فقال مالك : بينا أنا جالس في أهلي حين قشع النهار ، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني فقال : أجب أمير المؤمنين ، فانطلقت معه حتى أدخل على عمر ، فإذا هو جالس على رمال سرير ليس بينه وبينه فراش ، متكئ على وسادة من أدم ، فسلّمت عليه ثم جلست ، فقال : يا مال إنّه قدم علينا من قومك أهل أبيات ، وقد أمرت فيهم برضخ فاقبضه فاقسمه بينهم ، فقلت : يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري ، قال : اقبضه أيّها المرء.
فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص يستأذنون ؟ قال : نعم ، فأذن لهم فدخلوا فسلّموا وجلسوا ، ثم جلس يرفأ يسيراً ثم قال : هل لك في علي وعباس ؟ قال : نعم ، فأذن لهما فسلّما فجلسا ، فقال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ، وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله صلىاللهعليهوسلم من بني النضير ، فقال الرهط عثمان وأصحابه : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر.
قال عمر : تيدكم أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، هل تعلمون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) يريد رسول الله صلىاللهعليهوسلم نفسه ؟ قال
_____________________
١ ـ المصدر نفسه ٤ : ٧٩ ـ ٨١ ، كتاب الجهاد والسير ، باب فرض الخمس.