قال الألوسي بعد ذكر الحديث : وهذا إن صح لا ينبغي العدول عنه (١).
وبعد هذا نعود إلى دفع القاضي وتعنته في دفعه وقضائه ، حيث يريد أن يكون ما جرى على أهل البيت عليهمالسلام بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أعمال عنف في شياع مثل ما شاع ممّا ضرب به الأمثال من قتل الحسين عليهالسلام ، وهذا منه بمنتهى الغرابة.
ونقول له : انّ خبر ندم أبي بكر عند موته وذكره مثلثات منها كشف بيت فاطمة ، خبر ثابت وقد تقدم ذكره بمصادره السنّية ، وليس فيه ذكر ضرب ولا رفس ولا إسقاط جنين ، ومع ذلك فقد مرّ بنا تحاشي مَن كنى عن كشف بيت فاطمة عليهاالسلام بقوله : كذا وكذا. فهو يتقي أن يذكر الخبر كما هو ، فهل يتوقع قاضي القضاة أن يشاع ويذاع أنباء ما جرى في ذلك اليوم من أحداث مروعة ومفزعة ؟ بعد شدة رقابة الحاكمين على الشيعة ومرويّاتهم ، ممّا لا يخفى على من هو دون القاضي فضلاً عنه.
وجرى ابن أبي الحديد المعتزلي وتبع القاضي المعتزلي في دفعه بالصدر ما رواه الشيعة وآخرون من غيرهم من خبر الرفسة والضرب فقال : فأمّا الاُمور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة من ارسال قنفذ إلى بيت فاطمة عليهاالسلام ، وأنّه ضربها بالعصا فصار في عضدها كالدملج وبقي أثره إلى أن ماتت ، وانّ عمر ضغطها بين الباب والجدار ... وألقت جنيناً ميتاً ، وجعل في عنق علي عليهالسلام حبل يقاد به ... فكلّه لا أصل له عند أصحابنا ... (٢).
أقول : وهذان المعتزليان نفيا الاُمور التي جرت على أهل البيت عليهمالسلام في تلك الفترة من بعد موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكأنّهما يتوقعان أن يرويها لهما أمثال الطبري من المؤرخين ، مع انّ التاريخ فيه تزوير وتحوير وتطوير ، فمن كان من المؤرخين من
_____________________
١ ـ روح المعاني ١٨ : ١٧٤.
٢ ـ شرح النهج ٦ : ٦.