يطعمهم قبل التروية بيوم بمكة ، ويطعمهم بمنى وبعرفة وبجمع ، فكان يثرد لهم الخبز ، واللحم والخبز والسمن ، والسويق والتمر ، ويحمل لهم الماء حتى يتفرق الناس لبلادهم ، وكان هاشم يسمّى عمرواً ، وإنّما قيل له هاشم لهشمه الثريد بمكة ، وفيه يقول مادحه :
عمرو العلا هشم الثريد لقومه |
|
ورجال مكة مسنتون عجاف |
وكان أمية بن عبد شمس ذا مال ، فتكلّف أن يفعل كما فعل هاشم من إطعام قريش فعجز عن ذلك ، فشمت به ناس من قريش وعابوه ، فغضب ونافر هاشماً على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة ، وعلى جلاء عشر سنين ، وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي ـ جد عمرو بن الحمق ـ وكان منزله عسفان ، وخرج مع أمية أبو همهمة حبيب بن عامر بن عميرة بن وديعة بن الحارث بن فهر بن مالك الفهري.
فقال الكاهن : والقمر الباهر ، والكوكب الزاهر ، والغمام الماطر ، وما بالجو من طائر ، وما اهتدي بعَلَم مسافر ، من مُنجد وغائر ، لقد سبق هاشمُ أمية إلى المآثر ، أوّل منه وآخر ، وأبو همهمة بذلك خابر.
وأخذ هاشم الإبل فنحرها وأطعم لحمها من حضر ، وخرج أمية إلى الشام فأقام بها عشر سنين (١).
قال العقّاد : فكان هذا أوّل عداوة وقعت في بني هاشم وبني أمية.
أقول : وتجد حديث هذه المنافرة في جملة من المصادر التاريخية منها المنمّق لمحمد بن حبيب (٢) ، ثم قال ابن حبيب :
ومن ثم يقال : انّ أمية استلحق أبا عمرو ابنه ، وهو ذكوان وهو رجل من أهل صفورية ، فخلف أبو عمرو على امرأة أبيه بعده ، فأولدها أمية وهو أبو معيط ، ويقال : استلحق ذكوان أيضاً أبان.
_____________________
١ ـ شخصيات اسلامية ضمن موسوعة العقّاد : ٥٤٩.
٢ ـ المنمق : ١٠٣.