وزاد عليه شاعر آخر فقال :
لا تأمن الدهر إنّ الدهر ذو غير |
|
وذو لسانين في الدنيا ووجهين |
أخنى على عترة الهادي فشتتهم |
|
فما ترى جامعاً منهم بشخصين |
بعض بطيبة مدفون وبعضهم |
|
بكربلاء وبعض بالغريين |
وأرض طوس وسامرا وقد سعدت |
|
بغداد بدرين حلا وسط قبرين |
وقد جمع ذكرهم ببراعة فائقة أبو الفضل يحيى بن سلامة الحصكفي ( ت ٥٥٣ هـ ) في بيت شعر من قصيدته الخالدة (١) فقال :
قوم لهم في كل أرض مشهد |
|
لا بل لهم في كل قلب مشهد |
ولئن ضاعت معالم تلك المشاهد وما أكثر الدوارس منها ، لكن لا يزال حديث أصحابها يعطر الأفواه والأجواء كأنه المسك الزاكي ، ويقص علينا تاريخهم المليء بالمآسي من الأمة شاكي ، كمثل المحسن السبط الذي كانت هذه الرسالة باسمه ، وهو أول شهيد من ضحايا العنف السياسي فلم يعرف له قبر ، وأنّى وقد دفنته فضة في ناحية البيت.
ولكن لسميّه وابن أخيه وشبهه في المأساة ( المحسن السقط بن الحسين عليهالسلام ) مشهدٌ معروف ولا يزال ماثلاً للعيان ، شاهق البنيان ، في غربي حلب ، ويعرف بمشهد الدكة ، ومشهد الطرح ، ومشهد المحسن بن الحسين عليهماالسلام.
وقد حفظ التاريخ شيئاً من مأساته ، حين ذكر المؤرخون كالطبري وابن الأثير في أحداث سنة ٦١ هـ ، والخوارزمي في مقتل الحسين عليهالسلام وغيرهم ، حديث وقعة كربلاء ، واستشهاد الإمام الحسين عليهالسلام وأهل بيته وأنصاره ، وما
_____________________
١ ـ راجع تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، والشذرات الذهبية لابن طولان : ٤٣.