الأخبار ـ وانتهينا إلى أنّ سماسرة الوضاعين أرادوا تشويه تاريخ الإمام باثبات مخالفاته ـ كما يزعمون ـ لما جاء عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفي النقطة الرابعة استعرضنا تاريخ حرب وآل حرب ، ومواقفهم من علي وآباء علي مما لا يمكن تصديق أن يكون علي يحب أن يكتنى باسم عدو لدود هو وآله لعلي وآله.
وفي النقطة الخامسة بحثنا موضوع كنى الإمام ، وهل كانت له كنية قبل أن يولد له ولد فيكنّى به ؟ وأثبتنا أنّه كان يكنّى بأبي تراب ، وهي كنيته لم يعرف بها أحد سواه ، وهي كانت من أحبّ كناه إليه ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الذي كنّاه بها ، كما أنّها كانت من أبغض كناه إلى أعدائه ، فكان بنو أمية يستهزئون بها ، ويعيّرون شيعته بها ، ويأمرون بسبّه بها.
وما حديث سهل بن سعد الساعدي إلا في ذلك ، قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين (١) : وذكر سهل بن سعد الساعدي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كنّاه بأبي تراب ، وكانت من أحبّ ما يكنّى به إليه ، وكانت بنو أمية دعت سهل إلى أن يسبّه على المنبر ، ثم ساق أبو الفرج حديث سهل في سبب الكنية ، وفي آخره قال : وكنّا نمدح علياً إذا قلنا له أبو تراب.
وذكر أيضاً قول سهل : إن كان لأحب أسماء علي إليه أبو تراب ، وان كان يفرح أن يدعى بها ، وما سمّاه بذلك إلّا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وهذا كله ، وجميع ما مر من نقاط بالغة الأهمية ، ليس بذي بال ، إذا ما رجعنا إلى الحديث المزعوم ، ورأينا ما في غيابته وغياهبه ، من مزاعم مكذوبة تثبت
_____________________
١ ـ مقاتل الطالبيين : ٢٥ ، وانظر تاريخ بغداد ١ : ١٣٣ ، مرآة الجنان ١ : ١٠٨ ؛ ومسند أحمد ٤ : ٢٦٣ ؛ وإرشاد الساري للقسطلاني ٦ : ١٣٨ ؛ وعمدة القاري ٢٢ : ٢١٤ ؛ وصفة الصفوة ٤ : ١٤٥.