في النهي بلحاظ المتعلق أيضا الا حكم واحد كالأمر متعلق بالطبيعة الملحوظة بنحو صرف الوجود غاية الأمر الفرق بينهما في مرحلة الامتثال ، لأن المطلوب في الأمر إيجاد تلك الطبيعة وفي النهي إعدامها ، وكما قال صاحب الكفاية ( قده ) إيجاد الطبيعة يتحقق بفرد ولكن لا تنعدم الطبيعة الا بانعدام تمام افرادها فلا يتحقق امتثال النهي الا باجتناب تمام الافراد ، فالفرق بين الأمر والنهي ليس راجعا إلى كون الحكم واحدا في الأمر ومتعددا في النهي بل فيهما معا يكون واحدا ومتعلقا بالطبيعة بنحو صرف الوجود ، وانما الفرق في مقام الامتثال وإيجاد الطبيعة أو إعدامها. فلو قال ( أكرم العالم ) كان كل عالم يجب إكرامه بوجوب واحد غير منحل إلى وجوبات عديدة بعدد أنحاء الإكرام المتصورة له وإذا قال ( لا تكرم فاسقا ) كان مقتضى الطبع الأولي ان يحرم إكرام كل فاسق حرمة واحدة غير منحلة بحيث لو أكرم فاسقا مرة سقط الحكم بالنسبة إلى ذلك الفاسق بالعصيان وجاز إكرامه مرة أخرى الا ان هذا الوجوب الواحد يتحقق امتثاله بإكرام واحد وتلك الحرمة الواحدة لا يتحقق امتثالها الا بترك كل إكرام وهذا الفرق ثابت بين الجملة الخبرية الموجبة والنافية أيضا ، فقولك ( العالم موجود ) لا يدل على أكثر من وجود عالم واحد بينما قولك ( العالم ليس بموجود ) لا يصدق الا بانعدام تمام العلماء وقولك ( الجاهل ليس بنافع ) يستغرق النفي كل افراد الجاهل بنكتة الانحلال لأنه موضوع مقدر الوجود ويستغرق كل افراد النّفع لا بنكتة الانحلال بل بنكتة ان النّفع لا ينتفي الا بانتفاء كل افراده ولهذا لو فرض وجود نفع واحد للجاهل تبين كذب هذا النفي نهائيا بينما لو وجد جاهل واحد نافع لم يتبين كذب هذا الخبر نهائيا بحيث يكون فرض وجود جاهل آخر نافع وعدمه نسبة إلى هذا الاخبار على حد سواء ، بل يكون مزيدا من كذب هذا الاخبار. وقد أورد بعض المتأخرين على هذه المقالة بأنها مبنية على فكرة الكلي الهمداني القائل بان الطبيعة في الخارج نسبتها إلى الافراد نسبة الأب إلى الأبناء حيث يقال : أن وجودها بوجود فرد وعدمها لا يكون الا بانعدام كل الافراد ، واما بناء على ما هو الصحيح من ان نسبة الطبيعة في الخارج إلى الافراد نسبة الآباء إلى الأبناء فالطبيعة في كل فرد لها وجود مستقل. والتحقيق : ان هذا الكلام وقع فيه خلط بين عالمي الخارج والمفهوم ، فانه لو كان الحكم ينصب