ويرد عليه : ما عرفت من ان استعمال الأمر بغير المعنى الطلبي ليس مخصوصا بما يكون فعلا بل قد يطلق على ما لا يمكن أن يطلب كما في شريك الباري أمر مستحيل (١).
الثاني ـ إرجاع المعنى الطلبي إلى غير الطلب وهو ما استقر به المحقق النائيني ( قده ) على ما جاء في تقرير بحثه حيث قال يمكن القول بأن الطلب ليس معنى برأسه في قبال مفهوم الواقعة أو الحادثة بل مصداق من مصاديقها (٢).
وفيه : أولا ـ انه لو كان يطلق على الطلب الأمر باعتباره مصداقا للواقعة لم يكن فرق بين الطلب التشريعي والتكويني لأن كليهما واقعة مع انه لا يصح ان يطلق على الطلب التكويني أمر فإذا طلب زيد المال لا يقال انه أمر به.
وثانيا ـ ان الأمر يتعدى إلى متعلق الطلب كالطلب نفسه فيقال أمر بالصلاة مما يعني أنه يساوق مفهوم الطلب لا انه منتزع منه كواقعة وحادثة والا لم يكن صالحا للتعدي والإضافة إلى متعلقه.
الثالث ـ ان الأمر موضوع للجامع بين الطلب والواقعة.
ويرد عليه مضافا على ما تقدم في إبطال النحو السابق ان هذا الجامع ان أريد به جامع أوسع انطباقا من مجموع مفهومي الطلب والواقعة كمفهوم الشيء مثلا فمن الواضح ان كلمة الأمر ليست أوسع انطباقا من كلا الأمرين ولو أريد به جامع مساو لمجموعهما فهو عبارة أخرى عن نفس الواقعة فانها تصدق على نفسها وعلى الطلب فرجع إلى النحو الثاني.
ثم ان محاولة إرجاع معاني الأمر إلى معنى واحد جامع في نفسه بعيد جدا. وذلك لأمرين :
أولهما ـ اختلاف صيغة جمع الأمر بمعنى الطلب عن صيغة جمعه بمعنى الواقعة. فان الأول يجمع على أوامر والثاني على أمور ومن البعيد جدا تعدد الجمع بلحاظ اختلاف
__________________
(١) على ان صدق المصدر في الأفعال ذات الإضافة على متعلقاتها فيقال هذا مطلبي أو طلبي انما يصح مع ملاحظة حيثية تعلق المبدأ ، وهو الطلب ، به ونحن بحسب وجداننا نرى اننا لا نحتاج في إطلاق كلمة الأمر على شيء إلى ملاحظة هذه الحيثية أصلا.
(٢) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٨٦.