الثالث ـ ان يكون مخيرا بين الأقل والأكثر أي الإتيان بالعمل الاختياري بعد زوال العذر فقط أو الإتيان بالفعل الاضطراري عند العذر مع الفعل الاختياري بعد زواله حفاظا على المصلحة المتبقية ، وهذا أيضا غير معقول لأن التخيير بين الأقل والأكثر غير معقول. فيكون الفعل الاضطراري في المقام بلا أمر فإذا ثبت الأمر الاضطراري في مورد كان ذلك منافيا مع الفرض الرابع لأن الأمر الاضطراري بنحو الصورة الرابعة غير معقول وبنفي الصورة الرابعة يثبت الاجزاء لأن الفروض والصور الأخرى المحتملة ثبوتا للواجب الاضطراري كلها تقتضي الاجزاء (١).
ولنا حول المنهج تعليقات :
الأول ـ ان هنا شقا رابعا ثبوتا لتصوير الأمر بالفعل الاضطراري وهو افتراض وجود امرين أحدهما تعلق بالجامع بين الفعل الاختياري والاضطراري وهو الّذي نسميه بالأمر الاضطراري بحسب الحقيقة ، والآخر تعلق بخصوص الحصة الاختيارية.
فأن لم يتمثل المكلف الأمر الأول إلى ان زال عذره في الوقت فجاء بالاختياري كان امتثالا لكلا الأمرين ، وان جاء في أثناء العذر بالاضطراري ـ أي الجامع ـ بقي عليه الإتيان بالاختياري ـ الحصة ـ بعد زوال العذر.
لا يقال ـ الأمر بالجامع لغو صرف لأنه يكفي الأمر الاختياري وحده بتحقيق الجامع والحصة دون العكس.
فانه يقال ـ أولا ـ لا بد من امرين على كل حال لأن هناك من يكون عذره مستوعبا لتمام الوقت ، وحينئذ فكما يمكن جعل أمرين أحدهما يتعلق بخصوص الاضطراري فيمن يستوعب عذره تمام الوقت والآخر بالاختياري بالخصوص لمن لا عذر له أو لم يكن عذره مستوعبا ، كذلك يمكن جعل هذين الأمرين بالنحو الّذي ذكرناه ويكون وافيا بنفس الغرض ، لأن من يستوعب عذره سوف يكون الأمر بالجامع ـ الاضطراري ـ هو الفعلي في حقه دون الأمر بالحصة. فإذا كان لا بد من جعل أمرين فلا لغوية في البين وليكن إطلاق دليل الأمر الاضطراري لمن يرتفع عذره في
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٢٣٢ ـ ٢٣٣.