وجوب الجمعة عليه في الجمعة القادمة ، وهو علم إجمالي في التدريجيات وعلم بتكليف فعلي في ظرفه على كل تقدير.
وهذا الوجه يتم في الواجبات التكرارية ، كالظهر والجمعة ، لا في مثل القصر والتمام الّذي لا يعلم فيه بان الحالة سوف تتكرر على كل حال ، ولذلك كان الحكم بوجوب القضاء في غير الواجبات التكرارية مبنيا على الاحتياط.
واما في الفرض الثاني ـ أي ما إذا حصل له هذا العلم الإجمالي بعد ان ادى أحد طرفيه ، كما إذا صلى الجمعة ثم حصل له العلم الإجمالي في داخل الوقت أو خارجه ، فهنا لا يجري الوجه الأول والثالث والرابع حتى لو تم شيء منها في الفرض السابق ، إذ العلم الإجمالي منذ ان يتشكل يكون أحد طرفيه خارجا عن محل الابتلاء ، فلا يكون منجزا ليجب على المكلف طرفه الآخر إعادة داخل الوقت أو قضاء خارجه ، كما ان الوجه الثاني والخامس يجريان هنا ان كانا جاريين في الفرض السابق حرفا بحرف.
الرابعة ـ إذا كان الأصل العملي أصالة الاشتغال على أساس الدوران بين الأقل والأكثر ، بناء على أصالة الاشتغال فيه لا من باب منجزية العلم الإجمالي بوجوب الأقل أو الأكثر ـ فانه يكون رجوعا إلى الصورة السابقة ـ بل من باب الشك في حصول الغرض وسقوط الوجوب ، وتجري الوجوه المتقدمة لإثبات الإعادة أو القضاء في الصورة السابقة هنا باستثناء الوجه الخامس منها ، إذ لا يمكن ان يقال انه يعلم إجمالا بوجوب الأكثر عليه الآن أو الأقل في الزمان القادم ، لأن الأقل معلوم الوجوب في الزمن القادم على كل حال.
وقد تحصل من مجموع ما تقدم في هذا البحث : انه متى ما كان لدليل الأمر الواقعي إطلاق فمقتضى القاعدة عدم اجزاء الحكم الظاهري ولزوم الإعادة داخل الوقت والقضاء خارجه في غالب الفروض ، وبنحو الاحتياط في بعضها ما لم يرد مخصص لمقتضى القاعدة أي لإطلاق دليل الحكم الواقعي ، كما ورد في الصلاة حديث لا تعاد ، أو لم يكن دليل الحكم الواقعي مطلقا كما في الأدلة اللبية على بعض الاجزاء والشرائط والتي قد لا تشمل حالة تبدل الحكم والوظيفة اجتهادا أو تقليدا. وتحقيق موارد هذا القصور في المقتضي أو ثبوت المخصص المانع في ذمة علم الفقه.