مقارن مع الحكم وليس متأخرا عنه ليرد المحذور (١).
واعترضت على هذا الكلام مدرسة المحقق النائيني ( قده ) بان هذا خلط بين الوجوب بمعنى الجعل والوجوب بمعنى المجعول ، فان الجعل كقضية حقيقية شرطية لا يتوقف على وجود الشرط والموضوع خارجا وانما يكفي لحاظه وتقديره من قبل الجاعل ، واما المجعول وهو الحكم الفعلي فلا محالة متوقف على فعلية الشرط وتحققه خارجا فإذا كان متأخرا عنه لزم محذور تأثير المتأخر في المتقدم (٢).
وتحقيق الكلام في هذا المقام ان إشكال استحالة الشرط المتأخر للوجوب له ثلاثة مواقع ، فانه تارة : يثار بلحاظ عالم الجعل ، وأخرى : بلحاظ عالم المجعول ، وثالثة : بلحاظ عالم الملاك.
اما بلحاظ عالم الجعل فتارة : يقرب المحذور فيه بصيغة استحالة تأثير المتأخر في المتقدم. وجوابه : ما ذكره المحقق الخراسانيّ ( قده ). وأخرى : يقرب بما يستفاد من كلمات المحقق النائيني ( قده ). كمحذور آخر يرد حتى إذا افترض ان الشرط هو اللحاظ للشرط ، وحاصله لزوم التهافت في عالم اللحاظ لدى الجاعل (٣) ، لأن المولى إذا أراد ان يوجب على العبد مثلا صوم يوم السبت على تقدير ان يغتسل في ليلة الأحد فلا بد له من تقدير ولحاظ صدور الغسل منه في ليلة الأحد ، وهذا التقدير تقدير انتهاء يوم السبت ومضيه والفراغ عنه فكيف يمكنه ان يوجب على هذا التقدير صوم يوم السبت؟.
والجواب : ان تقدير الغسل في ليلة الأحد لا ينحصر في تقديرها ماضية وفي الزمان السابق بل امر التقدير والفرض واللحاظ بيد الملاحظ ، فله ان يقدر ذلك مستقبليا أي يقدر ان العبد سوف يصلي في الليلة القادمة ، لأن تحديد ظرف المقدر من حيث فرضه مستقبلا أو ماضيا يكون بيد المقدر نفسه فلا يلزم أي تهافت في اللحاظ.
واما بلحاظ عالم المجعول ، فقد تقدم تقريب الإشكال فيه عن مدرسة المحقق
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ١٤٥ ـ ١٤٦.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٣١١ ـ ٣١٢.
(٣) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦.