في بحث مشكلة المقدمات المفوتة. فانهم قد بحثوا المقدمات المفوتة بلحاظ الأوامر والأغراض التشريعية وكأنها تختص بها ، مع ان الصحيح ان البحث عن هذه المشكلة لا تختص بذلك بل تجري في الأغراض التكوينية أيضا ، إذ كثيرا ما يكون للإنسان مطلوب تكويني مشروط بزمان استقبالي وهو يهيئ مقدماته قبل وقته ، كمن يعرف انه سوف يعطش في سفره ولا يجد الماء فانه سوف يأخذ معه الماء قبل السفر وقبل العطش. فلا بد من حل هذا الإشكال على صعيد المطلوب التكويني أولا ، وانه كيف أصبحت المقدمة مطلوبة قبل تحقق شرط الطلب النفسيّ؟ إذ لو لم تحل المشكلة على هذا الصعيد والتزمنا بان المطلوب النفسيّ التكويني إذا كان استقباليا فلا يهتم بتحقيق مقدماته المفوتة من قبل اذن لا معنى للزوم الإتيان بها في الغرض التشريعي أيضا ، إذ لا معنى لأن يجب على المكلف الاهتمام بغرض للمولى في مورد لا يهتم به المولى نفسه إذا كان يريده بالإرادة التكوينية ، إذ ليس التشريع الا من أجل جعل المكلف كالمولى في التصدي لأغراضه لا أكثر من ذلك ، فلا بد من بحث مشكلة المقدمات المفوتة على صعيد المطلوب التكويني أولا وما ذكر من الوجوه الخمسة الصحيحة على منهج الأصحاب في البحث لا يجدي شيء منها على هذا الصعيد. فان التمسك بالواجب المعلق ، أو بوجوب سد بعض أبواب العدم أو بان الملاك والإرادة فعليان من أول الأمر هذه الوجوه الثلاثة كلها ترتكز على أساس افتراض ان الظرف الاستقبالي قيد للترتب لا الاتصاف ، بحيث لو كان يمكنه إيجاد ذلك الظرف الآن وكان اختياريا لكان يحققه ، ومن الواضح ان هذه الأجوبة لا تفي بحل الإشكال على المنهج الّذي طرحناه ، لوضوح ان فعل المقدمات المفوتة في الأغراض التكوينية لا تختص بما إذا كان ظرف المطلوب التكويني الاستقبالي قيدا في الترتب بل يجري في فرض كونه قيدا للاتصاف كما في مثال العطش في السفر الّذي ذكرناه ، حيث لا إشكال ولا ريب في كون العطش قيدا للاتصاف لا الترتب ولهذا لو كان يمكنه ان يعطش نفسه الآن لما عطش ـ والجواب بالشرط المتأخر وأن المولى يعلم ان المكلف سوف لن يقدر على إشباع الحاجة التي تحصل في الزمن المتأخر إذا ما لم يوفر المقدمات من قبل