فيه في بحث المرة والتكرار وقلنا ان البدلية والشمولية ليستا مدلولين للإطلاق ومقدمات الحكمة ، والمعارضة ليست بين البدلية والشمولية المفادين بدليل عقلي بل بين الإطلاقين اللذين في كل منهما بمعنى واحد.
التقريب الثاني ـ دوران الأمر بين مخالفة واحدة أو مخالفتين ، لأن تقييد الهيئة يستلزم تقييد المادة إذ لا معنى لإطلاق المادة صدق الواجب من دون الوجوب دون العكس ، وبما ان التقييد مخالفة وضرورة فالعرف في موارد الدوران يرتكب مخالفة واحدة لا مخالفتين.
ويرد عليه : مضافا إلى بطلان الكبرى ، ان تقييد المادة بعد تقييد الهيئة ليس مخالفة ، لأنه تقيد وليس بتقييد بحسب الحقيقة ، إذ مادة كل امر مقيدة لبا بكل قيود الوجوب فإذا قيد الوجوب في مورد فقد تحقق صغرى ذلك المقيد اللبي الكلي وليس تقييدا جديدا في المادة.
التقريب الثالث ـ ان التعارض بين الإطلاقين فرع العلم الإجمالي برجوع القيد إلى أحدهما ، مع ان هذا العلم الإجمالي منحل إلى العلم التفصيليّ بتقييد المادة وعدم شمولها للحصة الفاقدة ـ أي الصدقة قبل القيام مثلا ـ على كل تقديرا ما تخصيصا أو تخصصا ، أي اما لعدم الوجوب أو لعدم كونه الواجب ، مع الشك في تقييد الهيئة ، فيتمسك فيها بالإطلاق بلا معارض.
وهذا التقريب انما يتم في بعض الموارد لا جميعها ، توضيحه : ان التقييد بقيد يكون بأحد نحوين.
الأول ـ ان يكون بحدوثه قيدا للواجب أو الوجوب كالاستطاعة للحج.
الثاني ـ ان يكون التقييد بنحو الظرفية أي يشترط حدوثه وبقائه في الوجوب أو الواجب ، وهذا يعني بحسب الحقيقة مزيدا من التقييد.
وحينئذ يقال : تارة يعلم إجمالا بتقييد المادة أو الهيئة على وزان واحد ، بان يعلم إجمالا ان حدوث القيام شرط إما في وجوب الصدقة أو في الصدقة الواجبة ، أو يعلم ان القيام ظرف للوجوب أو الواجب وفي مثل ذلك يتم التقريب المتقدم للانحلال والتمسك بإطلاق الهيئة.