الأمر بذات المقيد فأي فائدة للأمر مع ذلك بالتقيد ، فإذا ثبت استحالة الإطلاق والتقييد في المادة ثبت الإهمال فيها ، ولا بأس به في المقام لأنه ليس إهمالا بلحاظ أصل الحكم ليقال لا يعقل ذلك ثبوتا لدى الحاكم وانما هو إهمال في طرف من أطراف الجعل للاستغناء بتقييد الوجوب عن تقييده ، فأصالة الإطلاق في المادة بمعنى عدم التقييد بالقيد المشكوك جارية لأنه مئونة زائدة محتملة في قبال الإهمال ، فينفى بالأصل وتكون طرفا للمعارضة مع أصالة الإطلاق في الهيئة (١).
وفيه : انه مبني على ان يكون التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل الضدين اللذين لهما ثالث ، وقد نقحنا في بحث المطلق والمقيد ان التقابل بينهما تقابل السلب والإيجاب فلا تتصور واسطة بينهما باسم الإهمال.
وهكذا يتضح صحة التقريب الثالث في المورد الّذي يكون وزان التقييد المردد لكل منهما على نسق واحد.
المقام الثاني ـ فيما إذا كان دليل التقييد متصلا. والتحقيق : انه تارة : يكون القيد المتصل بحسب لسان دليله مطلبا مستقلا ولازما أعم للجامع بين تقييد المادة أو الهيئة من دون ان يكون متجها إلى إحداهما بالخصوص ، كما إذا قال ( تصدق ولا تجزى الصدقة قبل القيام ).
وأخرى يفرض ان لسان القيد متجه إلى أحد الأمرين من الهيئة أو المادة بالخصوص أو يصلح لذلك ونحن لا نعرف انه قيد لأيهما ، كما إذا قال ( تصدق قائما ). ففي الفرض الأول يكون مقتضى الإطلاق في كل منهما تاما ذاتا ، فإذا كان أحد المقتضيين أقوى قدم وجعل قرينة متصلة على تقييد الاخر والا تعارضا وتساقطا ، هذا إذا لم نبن علي ما ذكرناه في التقريب الثالث من رجوع التقييد إلى المادة على كل حال والا كانت مقدمات الحكمة منخرمة فيها ويتم إطلاق الهيئة.
__________________
(١) إذا كان الإهمال الثبوتي في قوة الإطلاق هنا بحيث تصدق المادة على الصدقة الواقعة صدفة قبل القيام كان ما أفيد من أن التقييد لغو فاسدا ، إذ من دونه لا يحفظ تقيد الصدقة بكونها بعد القيام وإذا كان الإهمال في قوة التقييد لم تجر أصالة عدم التقييد في قبال الإهمال إذ ليس فيه مئونة زائدة بحسب النتيجة وان كان فيه مئونة زائدة على صعيد اللحاظ إذ المعيار في المئونة بالاعتبار الأول.