وفيه : ان التوصل أو المقدمية إذا كانت متوقفة على العبادية كان لا بد من قصد التقريب بالمقدمة ليتحقق الغرض الغيري المقدمي ، وكأنه وقع خلط بين توصلية الواجب الغيري بمعنى ان الغرض هو التوصل به إلى ذي المقدمة وليس الغرض نفسه وبين التوصلية بمعنى ما يقابل التعبدية وقصد التقرب.
وقد حاول في الكفاية نقلا عن تقريرات الشيخ الأعظم ( قده ) ان يجيب على هذا الإشكال بافتراض ان للطهارات الثلاث حقيقة لاهوتية لا نعرفها نحن يعرفها الشارع ، وهو امر قصدي كالتعظيم فلا بد من قصده ولو إجمالا من خلال قصد الأمر الغيري استطراقا إلى قصد ذلك العنوان اللاهوتي.
وهذا البيان رغم انه تبعيد للمسافة يرد عليه : ما أورده في الكفاية من لزوم كفاية قصد ذلك العنوان وصفا لا غاية (١) ـ بل لزم كفاية قصد عنوان المأمور به ولو فرض خطأه في التطبيق وتخيل ان ذلك العنوان هو الوضوء إذا لم يكن على وجه التقييد ـ فلا يثبت لزوم التحرك عن الأمر الغيري.
الثالث ـ ان قربية المقدمة ان كانت من ناحية أخذ قصد امتثال نفس الأمر الغيري المتعلق به فهذا دور بل غير معقول ، لما تقدم من عدم قربية الأمر الغيري ، وان كانت من ناحية الأمر النفسيّ بذي المقدمة أي قصد التوصل فهو دور أيضا لأن قصد التوصل فرع المقدمية والمقدمية لكونها قربية فرع قصد التوصل.
وفيه : ان قصد التوصل فرع أصل المقدمية لا تماميتها ، وذات الفعل أيضا مقدمة إذ به يتحقق جزء من المقدمة وجزؤها الاخر نفس القصد ، فبقصد التوصل بالجزء الأول يحصل الجزء الثاني أيضا فلا يتوقف قصد التوصل على قصد التوصل.
ثم ان صاحب الكفاية حاول دفع إشكال القربية على أساس الاستحباب النفسيّ للطهارات فيؤتى بها بقصد امتثال هذا الأمر النفسيّ من دون محذور (٢).
ويرد على هذا العلاج اعتراضات عديدة بعضها متجه وبعضها قابل للدفع.
اما المتجه منها فاثنان :
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٢) نفس المصدر السابق ، ج ١ ، ص ١٧٧.