واما بلحاظ عالم الحب والبغض والإرادة والكراهة فاقتضاء حب فعل للبغض عن ضده العام يبتني على الفروض المتصورة في تفسير الحب والبغض من النّفس البشرية وهي على ما يلي :
الفرضية الأولى ـ أن يدعى عدم وجود حب أصلا وان العاطفة الموجودة لدى النّفس هي عاطفة البغض ، وهو عند ما يتعلق بترك شيء يقال عنه حب الفعل.
وبناء على هذا التفسير سوف يكون الأمر بشيء بلحاظ عالم الملاك والإرادة عين البغض عن ضده العام.
غير ان هذه الفرضية يكفينا في ردها انها خلاف ما نجده في نفوسنا بالوجدان من وجود عاطفتي الحب والبغض.
الفرضية الثانية ـ أن يدعى وجود عاطفة واحدة في النّفس وهي عند ما تضاف وتنسب إلى فعل ما يلائم الطبع سميت حبا ، وعند ما تضاف وتنسب إلى نقيضه تسمى بغضا.
وبناء على هذا الفرض أيضا سوف يكون الأمر بشيء عين النهي عن ضده العام بلحاظ عالم النّفس.
غير انها أيضا فرضية لا يمكن المساعدة عليها فانه :
أولا ـ خلاف وجدانية تعدد الحب والبغض في النّفس وإن مركز الثقل في العاطفة تارة يكون الفعل وأخرى يكون الترك.
وثانيا ـ ان عاطفة الحب والبغض من الصفات الحقيقية ذات الإضافة والتي يكون متعلقها قوامها فإذا كان هناك متعلقان الفعل والترك كان هناك عاطفتان لا محالة وصفتان في النّفس إحداهما الحب المتعلق بالمحبوب وهو الفعل والآخر البغض المتعلق بالترك المبغوض.
الفرضية الثالثة ـ أن يفترض وجود عاطفتين مستقلتين ذاتا وماهية ولكنهما تنشئان من منشأ واحد هو المصلحة والملاك أحدهما يتعلق بفعل ما فيه المصلحة ويسمى بالحب والآخر يتعلق بتركه ويسمى بالبغض وهذه الفرضية تفيد القائل بان الأمر بالشيء يتضمن النهي عن ضده العام ، وليس فيه مخالفة للوجدان على نحو