ذات في العالم تملك السلطنة رأى العقل بفطرته السليمة ان هذه السلطنة تكفي للوجود وتوضيح ذلك ان السلطنة تشترك مع الإمكان في شيء ومع الوجوب في شيء وتمتاز عن كل منهما في شيء :
فهي تشترك مع الإمكان في ان نسبتها إلى الوجود والعدم متساوية لكن تختلف عن الإمكان في ان الإمكان لا يكفي لتحقق أحد الطرفين بل يحتاج تحققه إلى مئونة زائدة وأما السلطنة فيستحيل فرض الحاجة معها إلى ضم شيء آخر إليها لأجل تحقق أحد الطرفين إذ بذلك تخرج السلطنة عن كونها سلطنة وهو خلف بينما في الإمكان لا يلزم من الحاجة إلى ضم ضميمة خلف مفهوم الإمكان اذن فالسلطنة لو وجدت فلا بد من الالتزام بكفايتها.
وهي تشترك مع الوجوب في الكفاية لوجود شيء بلا حاجة إلى ضم ضميمة وتمتاز عنه بان صدور الفعل من الوجوب ضروري ولكن صدوره من السلطنة ليس ضروريا إذ لو كان ضروريا لكان خلف السلطنة وفرق بين حالة ( له أن يفعل ) وحالة ( عليه أن يفعل ) وقد فرضنا اننا وجدنا مصداقا للسلطنة وأن له ان يفعل ومن السلطنة ينتزع العقل ـ باعتبار وجدانها لهذه النكات ـ مفهوم الاختيار لا من الوجوب ولا من الصدفة. وقد تحصل ان المطلوب في هذه النقطة الثانية انه لو كانت هناك سلطنة في العالم لكانت مساوقة للاختيار وكفت في صدور الفعل.
الثالثة ـ ان هذه السلطنة هل هي موجودة أم لا؟ يمكن البرهان على إثباتها في الجملة وتعيينها في الله وهذا خارج عما نحن بصدده ويرجع إلى بحث قدرة الله واما في الإنسان الّذي هو الداخل في محل البحث فلا برهان عليه بل ينحصر الأمر في إثبات ذلك بالشرع أو بالوجدان بان يقال مثلا اننا ندرك مباشرة بالوجدان ثبوت السلطنة فينا واننا حينما يتم الشوق الأكيد في أنفسنا نحو عمل لا نقدم عليه قهرا ولا يدفعنا إليه أحد بل نقدم عليه بالسلطنة بناء على دعوى ان حالة السلطنة من الأمور الموجودة لدى النّفس بالعلم الحضوري من قبيل حالة الجوع أو العطش أو حالة الحب أو البغض أو بان يقال اننا كثيرا ما نرى اننا نرجح بلا مرجح كما يقال في رغيفي الجائع وطريقي الهارب فلو كان الفعل لا يصدر الا بقانون الوجوب بالعلة اذن لبقي جائعا إلى ان يموت