جميعا فيسقط الجميع بالمعارضة.
والجواب على هذا الإشكال : ان الإباحة بالمعنى الأخص ليست منفية بدليل الوجوب المنسوخ بالالتزام بل منفية به بالمطابقة ، والوجه في ذلك ان الإباحة بالمعنى الأخص تثبت بانتفاء الأحكام الأربعة الأخرى وعدم مقتض لشيء منها ، ودليل الوجوب المنسوخ يدل على انتفاء الاستحباب والكراهة والحرمة بالالتزام ولا يدل على نفي الإباحة إلا بنفس إثبات الوجوب ومقتضي الإلزام حيث ان نفي النفي إثبات فارتفاع انتفاء الأحكام الأربعة أي غير الإباحة انما يكون بنفس ثبوت أحدها الّذي هو المدلول المطابقي للخطاب والّذي قد نفي بالدليل الناسخ فيكون نفيه هذا منضما إلى الدلالات الالتزامية الثلاث في الدليل المنسوخ على نفي الاستحباب والكراهة والحرمة منتجا للإباحة بالمعنى الأخص لا محالة.
التقريب الثاني : مبني على القول بحجية الدلالة التضمنية بعد سقوط المطابقية ، اما بتقريب : ان الوجوب مركب من طلب الفعل والمنع من الترك والدليل الناسخ انما ينفي مجموعهما لا جميعهما فيكون المتيقن منه انتفاء الثاني ، فلا بأس أن تبقى دلالة الدليل المنسوخ على أصل الطلب فيثبت الجواز بالمعنى الأعم.
وإما بتقريب ان الوجوب وإن لم يكن مركبا من أمرين وانما هو عبارة عن الإرادة الشديدة ، إلا ان الدليل الناسخ انما ينسخ المرتبة الشديدة أي يدل على انتفاء هذه المرتبة ، واما أصل الطلب ولو بمرتبة ضعيفة فلا بأس بالتمسك لإثباته بالدليل المنسوخ فيثبت الجواز بالمعنى الأعم.
التقريب الثالث ـ مبني على مسلك المحقق النائيني ( قده ) من ان الوجوب ليس مدلولا للفظ وانما هو بحكم العقل المنتزع من طلب الفعل وعدم الترخيص في الترك ، فانه على هذا المبنى يتعين إثبات الجواز بالمعنى الأعم بلا حاجة إلى إنكار شيء من التبعيتين في الحجية والوجه في ذلك واضح إذ الدليل الناسخ غاية ما يثبته هو الترخيص في الفعل ولا ينفي الطلب فيكون مدلول الأمر غير منسوخ أصلا ، اللهم إلا أن يفرض نظر الدليل الناسخ إلى ما هو مفاد المنسوخ ونفيه سواء كان هو الوجوب أو غيره إلا أن هذه عناية زائدة لم تفرض في عنوان البحث.