ولكنه يختلف عن الأول في أنه يتعلق بالمفهوم بما هو مرآة لا بما هو هو ، ويختلف عن الرابع في انه ليس له معروض بالعرض وانما له معروض بالذات الّذي هو نفس المفهوم الكلي ، إذ لا يعقل له المعروض بالعرض لأن وجود المعروض بالعرض مساوق مع التشخص حيث أن الوجود مساوق مع التشخص وتعلق الأمر به تحصيل للحاصل كما هو واضح ، نعم ما يوجد في الخارج يصبح مصداقا لمعروض الطلب لا انه معروضه لا بالحقيقة وبالذات ولا بالعرض ، وهذا بخلاف مثل الشوق والحب المتعلق بالايمان كحبنا لعلي عليهالسلام وبغضنا لمعاوية فان له معروض بالعرض وهو الوجود الخارجي للمحبوب وبهذا تندفع العويصة المشهورة والتي هي شبهة في قبال البديهة من ان الطلب إذا كان متعلقا بالمفهوم بما هو هو فهذا غير مفيد للمولى بل هو حاصل في ذهنه أيضا ، وإذا كان متعلقا بالموجود الخارجي فهو طلب الحاصل. فان الطلب متعلق بالمفهوم والصورة الذهنية بما هو مرآة فان في الخارج أي بالحمل الأولي ولذلك لم يكن المطلوب هو نفس المفهوم بالحمل الشائع إذ ليس هو مصداقا للمفهوم بالحمل الأولى وفي نفس الوقت لا يلزم طلب الحاصل لأنه غير متعلق بالوجود الخارجي ولو بالعرض وانما الوجود الخارجي مصداق لما يتعلق به فلا يرد أن المتعلق بالعرض لو كان هو الوجود الخارجي لزم تأخر الطلب عنه وكانت مرتبته مرتبة متأخرة عن مرتبة المعروض بالعرض ومعه يستحيل طلبه لأنه طلب للحاصل.
وقد أجاب عن هذا الإشكال صاحب الكفاية ( قده ) بأن الّذي يتعلق به الطلب هو إيجاد الطبيعة لا وجودها فلا يلزم تعلق الطلب بالطبيعة الموجودة كي يلزم طلب الحاصل (١).
وفيه : انه لا فرق بين الإيجاد والوجود إلا بالاعتبار ، وإضافة الشيء إلى الفاعل تارة وإلى نفسه أخرى لا يغير الواقع شيئا فمحذور طلب الحاصل باق على حاله حتى لو كان الطلب متعلقا بإيجاد الطبيعة فانه سوف يكون متأخرا مرتبة عن مرتبة هذا الإيجاد ومعه يكون طلبه طلبا للحاصل.
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ص ٢٢٣.