في حق من اختار صيام شهرين متتاليين (١).
الثانية ـ انه غير معقول ثبوتا لأنه يرجع إلى إيجاب الفعل الّذي يختاره المكلف والأمر بما يختاره المكلف مساوق مع تحصيل الحاصل فيكون محالا (٢).
وهاتان المؤاخذتان متهافتتان فيما يفترض لكل منهما فلا يمكن الجمع بينهما وتوضيح ذلك : ان عنوان ما يختاره المكلف تارة : يجعل بنحو الموضوعية : بأن يكون هو مركز التكليف ومصب الإيجاب. وأخرى : يجعل مشيرا إلى واقع ما يختاره المكلف فيكون الفعل بعنوانه الواقعي هو مركز التكليف ، فعلى الأول : لا مجال للمؤاخذة الأولى إذ سوف يكون التكليف متعلقا بعنوان ما يختاره المكلف وهو مشترك بين الجميع ويكون كل من البدائل مصداقا لما هو الواجب لا انه الواجب كما هو واضح.
واما المؤاخذة الثانية فسوف يأتي ما يمكن أن تدفع به على هذا التقدير أيضا.
وعلى الثاني : لا مجال للمؤاخذة الثانية إذ ليس الواجب إلا واقع الفعل الّذي اختاره المكلف غاية الأمر ان المولى استغنى عن جعل أحكام عديدة بعدد المكلفين بهذا العنوان المشير.
الثالثة ـ انه يلزم في فرض العصيان وعدم إتيان المكلف بشيء من البدائل اما ارتفاع الوجوب وبالتالي ارتفاع العصيان وهو غير معقول إذ الوجوب الّذي لا يكون له عصيان لا يكون معقولا واما بقائه بلا متعلق وهو محال أيضا (٣).
وهذه المؤاخذة يمكن دفعها بالالتزام بأن متعلق الوجوب ليس هو ما يختاره بالفعل بل ما يؤثره المكلف من البدائل إذا شاء أن يختار أحدها وهذا محفوظ حتى في فرض العصيان ، نعم لو افترضنا حالة لا يوجد أي امتياز وترجيح من قبل المكلف لأحد البدائل بناء على إمكان الترجيح بلا مرجح في الأفعال الاختيارية فلا يوجد تعين للمتعلق إلا أن هذا رغم معقوليته ثبوتا ليس واقعا إثباتا بمعنى انه لا يمنع عن عقلائية التكليف بالنحو المذكور.
__________________
(١) يمكن دفعها أيضا بأن دليل الاشتراك ليس فيه إطلاق أكثر من هذا المقدار لأنه دليل لبي.
(٢) نفس المصدر السابق ، ص ٢٦ ـ ٢٧.
(٣) ويمكن دفعها أيضا بأن ما يختاره المكلف مأخوذ بنحو قيد الواجب لا قيد الوجوب فالعصيان متحقق وبذلك يظهر اندفاع المؤاخذة الثانية أيضا ، نعم هذا موقوف على أخذ عنوان ما يختاره المكلف لا واقعه فالمولى يوجب مختار المكلف من البدائل.
.