بمجرد ان يسمع المولى قد جعل على كل واجد للشرائط وعارف بالمصلحة أو الملاك في عمل ما وجوب الإتيان به فاطلاعه على هذا الجعل وعلى وجدانه لسائر الشرائط كاف في علمه بالمصلحة والمحبوبية في ذلك الفعل وهذا بخلاف ما لو أخذ وصول الأمر بمعنى المجعول والّذي هو امر إنشائي يتبع ما جعل عليه فتدبر جيدا.
ولا يرد أيضا محذور التهافت في اللحاظ لعدم تقوم قصد المحبوبية والملاك بالأمر لحاظا وتصورا.
وكذلك لا يرد محذور عدم محركية الأمر الضمني بقصد القربة زائدا على محركية الأمر بذات الفعل لأن متعلق الأمر الضمني ليس هو قصد الأمر ومحركيته بل قصد الملاك أو المحبوبية ومحركيتهما وهو لا يحصل بمجرد محركية الأمر.
واما على مستوى الإرادة والمحبوبية فما عدا المحذور المبين في الوجه الثاني من الوجوه الأربعة لا ترد في المقام لأنها مبنية على ان الأمر لا بد ان يكون باعثا ومحركا نحو امر مقدور وهذا انما هو شأن الأمر واما المحبوبية والإرادة فلا بأس بفرض تعلقها بأمر غير مقدور أو عدم قابليتها للتحريك. اما المحذور المبين في الوجه الثاني فهو يلزم في أخذ قصد المحبوبية لا قصد الملاك لو فرض أخذ قصد شخص الإرادة والمحبوبية في متعلقها لأن الإرادة والحب أيضا كالجعل من الأمور ذات الإضافة والتعلق بالخارج من خلال الصور الذهنية ، فكما لا يعقل عروض الأمر في أفق الجعل على ما يتقوم بشخصه كذلك لا يعقل عروض الحب والإرادة في أفق النّفس على ما يتقوم بشخص الإرادة ، الا اننا يمكن ان نتخلص من هذا المحذور بفرض أخذ قصد طبيعي الإرادة والمحبوبية.
وهكذا يتضح ان أخذ قصد القربة بمعنى قصد المحبوبية أو الملاك في متعلق الأمر لا يلزم منه محذور وما جاء في تقريرات الميرزا ( قده ) من استحالة أخذ قصد الملاك لأن لازمه ان تكون المصلحة قائمة بالفعل المأتي به بداعي المصلحة وهو دور لأن الإتيان بداعي المصلحة فرع قيام المصلحة به الّذي هو فرع ان يؤتى به بداعي المصلحة (١) مدفوع بما تقدم في الأبحاث السابقة من ان الإتيان بداعي المصلحة لا يتوقف على قيام
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ١٠٨ ـ ١٠٩.