فقد أجمعت الأمة على أنّ هذه الآية نزلت في حقّ أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، لما تصدق بخاتمه في المسجد على أعرابي وهو راكع (١) ، في حين تصدّق غيره من الصحابة بأربعين خاتماً طمعاً بأن ينزل فيه وحي ، ولكن لم ينزل شيء بحقّه البتة.
وعن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (٢) في حق علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : أُمروا أن لا يناجي النبي صلىاللهعليهوآله أحد حتى يتصدق بصدقة ، فأمسك القوم ، وذلك قبل أن تنزل الزكاة ، وتصدق عليّ عليهالسلام بدينار ثم ناجاه عشر مرات ، فكان علي عليهالسلام يقول : « والله لهن أحبّ إليّ من حمر النعم بصبابتهن » (٣).
وعن مجاهد ، قال علي عليهالسلام : « آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي : آية النجوى ، كان لي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، وكنت كلما أُناجي النبي صلىاللهعليهوآله تصدّقت بدرهم ، ونسخت الآية ولم يعمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي » (٤).
كان عليهالسلام يجسد في صدقته التربية النبوية الأصيلة ، ويقتفي أثر مربيه
________________
(١) مناقب آل أبي طالب / ابن شهر آشوب ٢ : ٢٠٨ ، المطبعة الحيدرية في النجف ـ ١٣٧٦ ه.
(٢) سورة المجادلة : ٥٨ / ١٢.
(٣) مناقب أمير المؤمنين / محمّد بن سليمان الكوفي ١ : ١٨٧ ، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ، ط ١ ـ ١٤١٢ ه.
(٤) مناقب أمير المؤمنين / محمد بن سليمان الكوفي ١ : ١٨٨.