أن لذلك علة عميقة ، وهي حرص الإسلام على صون كرامة المحتاجين ، فتحت جنح الظلام يستطيع المحتاج أن يحصل على بغيته دون أن يكشف عن هويته ، ولا أن يريق ماء وجهه ، والمعطي بدوره يحصل على الثواب ويرضي ربّه ، قال الإمام الصادق عليهالسلام : « صدقة الليل تطفي غضب الرّب ، وتمحو الذّنب العظيم ، وتهون الحساب.. » (١).
وكان أهل البيت : يسلكون هذا السبيل فيفضلون صدقة الليل ، عن هشام بن سالم ، قال : كان أبو عبدالله عليهالسلام إذا اعتم وذهب من الليل شطره أخذ جراباً ثم ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة ، فقسّمه فيهم ولا يعرفونه ، فلمّا مضى أبو عبدالله عليهالسلام فقدوا ذلك ، فعلموا أنّه كان أبا عبدالله عليهالسلام (٢).
وتستحبّ الصدقة أيضاً عند حلول شهر شعبان ، فقد سئل الإمام الصادق عليهالسلام : « يابن رسول الله ، ما أفضل ما يُفعل فيه ؟ ـ أي في شهر شعبان ـ قال : الصدقة والاستغفار ، ومن تصدق بصدقة في شعبان رباها الله تعالى كما يربي أحدكم فصيله حتى يوافي يوم القيامة وقد صار مثل أحد » (٣).
وصفوة القول إنّ أئمة أهل البيت : كانت لهم اليد الطولى في نشر ثقافة الصدقة على نطاق واسع بين الناس وتربية صغار السنّ عليها ، لتكون لهم خلقاً في المستقبل وعادة حسنة ، عن محمّد بن عمر بن يزيد ، قال ، قال
________________
(١) الكافي ٤ : ٩ / ٣ ، باب صدقة الليل من كتاب الزكاة.
(٢) الكافي ٤ : ٨ / ١ ، باب صدقة الليل من كتاب الزكاة.
(٣) إقبال الأعمال ٣ : ٣٩٤.