« أفضل الجود بذل الموجود » (١) وعنه عليهالسلام : « أفضل الجود ما كان عن عسرة » (٢).
إضافة لما تقدّم ينبغي أن يكون البذل للمستحق وإلاّ كان عبثا لا طائل منه ، أو كان لأجل السمعة الفارغة ومن أجل التباهي والرياء ليس إلاّ ، وفي هذه الحالة يفقد غايته الأساسية كأسلوب تكافلي.
على أن الأكثر إثارة في هذا الصدد أن مدرسة أهل البيت : تضع شرطاً ثالثاً لتحقق مفهوم الجود ، وهو أن للآخذ من الشكر أكثر مما للباذل ، لكونه قَبِل العطاء ، وهي تريد بذلك صون ماء وجه الأول ، وطرد شبح المنّ أو الغرور من نفس الثاني أو المعطي. وهذا الشرط فيه دلالة عميقة تعكس عمق توجهات هذه المدرسة المقدسة ، وسموّ مفاهيمها وسعة أفقها ، وفي هذا الجانب قال الإمام الصادق عليهالسلام : « لا يكون الجواد جواداً إلاّ بثلاثة : يكون سخيّاً بماله على حال اليسر والعسر ، وأن يبذله للمستحقّ ، ويرى أنّ الذي أخذه من شكر الذي أسدى إليه أكثر مما أعطاه » (٣).
وعموماً فالإنفاق أو العطاء هو من أعظم ما يعتني بأمره الإسلام ، وقد توسل إليه بطرق مختلفة كالزكاة والخمس والكفارات المالية وأقسام الفدية ، وعن طريق الوقف والوصايا والهبة وما إلى ذلك. وإنما يريد بذلك من المسلمين أن يواسوا إخوانهم وأن لا يدفنوا رؤوسهم في رمال اللامبالاة
________________
(١) عيون الحكم والمواعظ : ١١٩.
(٢) عيون الحكم والمواعظ : ١١١.
(٣) تحف العقول / ابن شعبة الحراني : ٣١٨ ، مؤسسة النشر الإسلامي ، ط ٢ / ١٤٠٤ ه.