الحسن عليهماالسلام : « ... وأكرمْ عشيرتك ، فإنَّهم جناحُك الذي به تطير ، وأصلُك الذي إليه تصيرُ ، ويدُك الّتي بها تصُول » (١). وفي نص آخر يصرّح بأهمية التكافل مع القرابة والعشيرة ويعلل ذلك تعليلاً عميقاً يتناسب مع البيئة الاجتماعية التي عاصرها ، يقول عليهالسلام : « أيّها الناس ، إنّه لا يستغني الرّجل ـ وإن كان ذا مال ـ عن عترته ، ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم ، وهم أعظم الناس حيطة من ورائه وألمّهم لشعثه ، وأعطفهم عليه عند نازلة إذا نزلت به... ألا لا يعدلنّ أحدكم عن القرابة يرى بها الخاصة أن يسدّها بالذي لا يزيده إن أمسكه ، ولا ينقصه إن أهلكه ، ومن يقبض يده عن عشيرته ، فإنّما تقبض منه عنهم يد واحدة ، وتقبض منهم عنه أيدٍ كثيرة... » (٢).
ولابد من إلفات النظر إلى أن أمير المؤمنين عليهالسلام لا ينطلق من نظرة عنصرية ضيقة ، تضع التعصب للعشيرة فوق قواعد الحق واعتبارات الدين ، بل هو في الوقت الذي يدعو إلى التكافل مع العشيرة يحث على أن لا يكون ذلك على حساب الدين ، وان لا يؤدي ذلك إلى القطيعة معه ، وخير شاهد تاريخي على ذلك تعنيفه للمنذر بن الجارود العبدي ، وقد خان في بعض ما ولاّه من أعماله ، قال له موبخاً : « ... لا تَدَعْ لهواك انقياداً ، ولا تُبقي لآخرتِكَ عتاداً ، تعمُرُ دُنياك بخرابِ آخرتِك ، وتصلُ عشيرتك بقطيعة دينك » (٣).
________________
(١) نهج البلاغة / ضبط صبحي الصالح : ٤٠٥ ، الكتاب (٣١).
(٢) نهج البلاغة / ضبط صبحي الصالح : ٦٥ ، الخطبة (٢٣).
(٣) نهج البلاغة / ضبط صبحي الصالح : ٤٦٢ ، الكتاب (٧١).