وقال عليهالسلام : « إنّ الله تعالى خلق الخلق كلهم صغيرهم وكبيرهم ، فعلم صغيرهم وكبيرهم ، وعلم غنيهم وفقيرهم ، فجعل من كل ألف إنسان خمسة وعشرين مسكيناً ، فلو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم ، لانه خالقهم وهو أعلم بهم » (١).
وعلى ضوء ما تقدم نجد أن النظام الاقتصادي الإسلامي قد حلّ مشكلة الفقر من خلال مبدأ التكافل ، وتوسيع المشاركة الاجتماعية بحيث يكفل الغني الفقير. فشيوع ظاهرة الفقر في المجتمعات الإسلامية لا يمكن إرجاعها لضعف أو قصور في النظام الاقتصادي الإسلامي ، بل لتقصير الأغنياء في كفالة الفقراء وتبديلهم نعمة الله كفراً. كما أخبر أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله : « اضربْ بطرفك حيث شئت من النَّاس ، فهل تبصر إلا فقيراً يكابدُ فقراً ، أو غنياً بدّلَ نعمة الله كفراً... » (٢). فالتقصير ينصب بالدرجة الأساس على الأغنياء ، لذلك كان أمير المؤمنين عليهالسلام يحمّلهم ـ بصورة أساسية ـ مسؤولية تفشي الفقر في المجتمع بقوله : « ولا يعُولُ غَنيهم فقيرهم » (٣).
وكانت الشريعة توقظ في نفوس المسلمين العاطفة الدينية تجاه الفقراء والمساكين ، وتدعم توجهاتها الاجتماعية هذه بمبدأ ( الثواب الاُخروي ) لتحقيق هذه الغاية النبيلة ، جاء في وصية أمير المؤمنين لأبنه الحسن عليهماالسلام : « وإذا
________________
(١) علل الشرائع ٢ : ٣٦٩ ، باب ٩١ ، العلة التي من أجلها صارت الزكاة من كل ألف درهم خمسة وعشرين درهماً.
(٢) تصنيف نهج البلاغة / لبيب بيضون : ٦٢٧.
(٣) المصدر السابق : ٦٢٧.