وقد ذكر هذا الاختلاف الشيخ أبو زهرة حيثُ قال : ويظهر أنّ فكرة الرجعة علىٰ هذا الوضع ليست أمراً متّفقا عليه عند إخواننا الاثنىٰ عشرية ، بل فريق لم يعتقده (١).
إذن هناك متأولون للرجعة من بين الشيعة الإمامية ، فهؤلاء ينكرون الرجعة بالمعنىٰ الذي ذهبت إليه أكثر الشيعة الإمامية أخذاً بالأخبار والروايات الواردة فيها ، ولم يصرّح أحد بكفر هؤلاء أو خروجهم من الإسلام ، لأنّهم لم ينكروا أصل الاعتقاد بالرجعة والروايات المتكاثرة الواردة فيها.
علىٰ أنَّ المحققين من أعلام الطائفة قد أجابوا هؤلاء عن قولهم بما لا مزيد عليه ، قال السيد المرتضى علم الهدىٰ مجيباً علىٰ سؤال بهذا الخصوص ، وهو من جملة المسائل التي وردت عليه من الري : فأمّا من تأول الرجعة من أصحابنا علىٰ أنّ معناها رجوع الدولة من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات ، فانّ قوماً من الشيعة لمّا عجزوا عن نصرة الرجعة وبيان جوازها وأنها تنافي التكليف (٢) عوّلوا علىٰ هذا التأويل للأخبار الواردة بالرجعة ، وهو منهم غير صحيح ، لأنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فتتطرق التأويلات عليها ، وكيف يثبت ما هو مقطوع علىٰ صحته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم ، وإنما المعول في إثبات الرجعة علىٰ إجماع الإمامية علىٰ معناها ، بأنَّ الله يحيي أمواتاً عند قيام القائم عليهالسلام من أوليائه وأعدائه علىٰ ما بيناه ، فكيف يتطرق التأويل
__________________
(١) الامام الصادق ، للشيخ محمد أبو زهرة : ٢٤٠.
(٢) وسيأتي الجواب تاماً عن هذه المسألة في الفصل السادس.