في هذه الدنيا علىٰ كفرهم وطغيانهم لا يرجعون إليها ، وإنما يرجعون في القيامة ليذوقوا العذاب في نارها ، والعودة إلىٰ الدنيا إنَّما تختصُّ بغيرهم من الكافرين والظالمين المفسدين في الأرض الذين لم يذوقوا ألم القصاص فيها ، ولا يصحّ أن يكون المراد بالآية أنّهم لا يرجعون في القيامة لوضوح بطلانه.
ويمكن من خلال دراسة الأحاديث الواردة في هذا المجال وأقوال الأعلام تحديد ثلاثة أهداف ينطوي عليها هذا الأمر الخارق :
١ ـ القتال علىٰ الدين ، فقد روي عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : « كنت مريضا بمنىٰ وأبي عليهالسلام عندي ، فجاءه الغلام فقال : هاهنا رهط من العراقيين يسألون الأذن عليك. فقال أبي عليهالسلام : أدخلهم الفسطاط ، وقام إليهم ودخل عليهم ، فما لبثت أن سمعتُ ضحك أبي عليهالسلام قد ارتفع ، فأنكرت ذلك ووجدت في نفسي من ضحكه وأنا في تلك الحال.
ثم عاد إليَّ فقال : يا أبا جعفر ، عساك وجدت في نفسك من ضحكي ؟ فقلتُ : وما الذي غلبك منه الضحك ، جعلت فداك ؟
فقال : إنَّ هؤلاء العراقيين سألوني عن أمرٍ كان مَن مضىٰ مِن آبائك وسلفك يؤمنون به ويقرون ، فغلبني الضحك سروراً أنَّ في الخلق من يؤمن به ويقرُّ.
فقلت : وما هو ، جعلت فداك ؟
قال : سألوني عن الأموات متىٰ يبعثون فيقاتلون الأحياء علىٰ الدين (١) ».
__________________
(١) مختصر بصائر الدرجات ، للحسن بن سليمان : ٢٠ و ٢٤. وبحار الأنوار ٥٣ : ٦٧ / ٦٢.