فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : نعم ، تكلم بما سمعت ولا تزد في الكلام ، فما قلت لهم ؟
قال : قلت : لا أُؤمن بشيء ممّا قلتم.
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : ويلك إنَّ الله عزَّ وجلَّ ابتلىٰ قوماً بما كان من ذنوبهم ، فأماتهم قبل آجالهم التي سمّيت لهم ثم ردَّهم إلىٰ الدنيا ليستوفوا أرزاقهم ، ثمّ أماتهم بعد ذلك.
قال : فكبر علىٰ ابن الكواء ولم يهتد له ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : ويلك تعلم أنّ الله عزَّ وجلَّ قال في كتابه : ( وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا ) (١) فانطلق بهم معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملأ من بني إسرائيل إنَّ ربي قد كلمني ، فلو أنهم سلّموا ذلك له ، وصدّقوا به ، لكان خيراً لهم ، ولكنهم قالوا لموسى عليهالسلام : ( لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللهَ جَهْرَةً ) قال الله عزَّ وجلَّ ( فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ) يعني الموت ( وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (٢).
أفترىٰ يا ابن الكواء أنَّ هؤلاء قد رجعوا إلىٰ منازلهم بعدما ماتوا ؟
فقال ابن الكواء : وما ذاك ، ثمَّ أماتهم مكانهم ؟
فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : ويلك ، أوليس قد أخبرك الله في كتابه حيث يقول : ( وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ) (٣) فهذا بعد
__________________
(١) سورة الاعراف ٧ : ١٥٥.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٥٥ ـ ٥٦.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٥٧.