فقال الشيخ المسؤول : القول بالرجعة إنّما قبلته من طريق التوقيف ، وليس للنظر فيه مجال ، وأنا لا أُجيب عن هذا السؤال لأنّه لا نصَّ عندي فيه ، وليس يجوز أن أتكلّف من غير جهة النصّ الجواب ، فشنّع السائل وجماعة المعتزلة عليه بالعجز والانقطاع.
فقال الشيخ المفيد قدسسره : فأقول أنا : إنَّ علىٰ هذا السؤال جوابين :
أحدهما : إنَّ العقل لا يمنع من وقوع الإيمان ممّن ذكره السائل ، لأنّه يكون إذ ذاك قادراً عليه ومتمكناً منه ، لكن السمع الوارد عن أئمة الهدىٰ عليهمالسلام بالقطع عليهم بالخلود في النار والتدين بلعنهم والبراءة منهم إلىٰ آخر الزمان ، منع من الشكّ في حالهم ، وأوجب القطع علىٰ سوء اختيارهم ، فجروا في هذا الباب مجرىٰ فرعون وهامان وقارون ، ومجرىٰ من قطع الله عزَّ اسمه علىٰ خلوده في النار ، ودلَّ بالقطع علىٰ أنهم لا يختارون أبداً الإيمان ، وأنهم ممّن قال الله تعالىٰ في جملتهم : ( وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللهُ ) (١) يريد إلاّ أن يلجئهم الله ، والذين قال الله تعالىٰ فيهم ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ ) (٢).
ثم قال جلَّ من قائل في تفصيلهم وهو يوجه القول إلىٰ إبليس : ( لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ) (٣) وقوله : ( وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي
__________________
(١) سورة الانعام ٦ : ١١١.
(٢) سورة الانفال ٨ : ٢٢ ـ ٢٣.
(٣) سورة ص ٣٨ : ٨٥.