لفظ « زيد في قولك : أكرم زيدا ».
كما ويرد هنا سؤال ، وهو : لماذا اختصت هذه الأحداث بأن يقام لها هذا الاحتفال الدائم أبد الدهر ، مع أنه قد توجد أحداث أعظم أهمية ، وأشد خطراً منها ؟ لماذا لم تخلَّد هي أيضا باحتفالات على نحو تخليد هذه ... ولتكن إحدى هذه الأحداث ، ولادة السيد المسيح من دون أب ، وقصة غرق فرعون ، ومحاولة إحراق إبراهيم بالنار ، فكانت برداً وسلاماً ، وقصَّة الطوفان ، وغير ذلك ؟
وثانياً : ان هذه الذكريات ، قد أمر الشرع بها وشرع الحكم بلزوم العمل بها ، وهذا لا ينكره المانعون ، وإنما هم يقولون : إن ما لم يرد به الشرع يكون بدعة وحراما ، وهذا مما قد ورد الشرع به ، فلا إشكال فيه ، وإنما الاشكال فيما عداه ...
واستدلال أيضا على مشروعية الاحتفالات والمراسم بحزن يعقوب على فراق ولده يوسف ، حتى ابيضت عيناه من الحزن ، فَلِمَ لَمْ يجز له بعد موت ولده العزيز على قلبه مع ان حرقته أعظم : أَنْ يُظْهِرَ التفجُّع عليه ، ويقيم المراسم في هذا السبيل ؟! ١.
ونقول : إن ذلك لا ربط له بإقامة المراسم والمواسم في زمان معيَّن ، وفي مكان معيَّن ، فإنَّ مجرد الحزن والأسى لا مانع منه ، ولكن الزيادة على ذلك هي التي تحتاج إلى ثبات ، بنظر المانع ، والآيات لا تدل على أكثر من ممارسة التوجُّع والتفجُّع والحزن ...
« وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ »
واستدل أيضا بقوله تعالى : « وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ » ٢ فإن الاحتفالات بميلاده (ص) ما هي إلّا رفع لذكره (ص) ... ٣
ويمكن المناقشة في ذلك بأن رفع ذكره (ص) من قبل الله سبحانه إنَّما هو
__________________
١ ـ راجع كتاب : آئين وهابيّت / ص ١٨٠ ـ ١٨١ للعلامة السبحاني حفظه الله.
٢ ـ الانشراح / ٤.
٣ ـ آئين وهابيت / ص ١٨٤ للسبحاني.