قد تقدم أنهم يعتبرون المواسم والذكريات ، ونحوها بدعة.
وقد حاول البعض التخلص من هذا الاتهام ، والرد عليه ، فقال ابن حجر :
« عمل المولد بدعة ، لم تنقل عن احد من السلف الصالح ، من القرون الثلاثة ، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها ، فمن تحرَّى في عملها المحاسن ، وتجنَّب ضدها كان بدعة حسنة ، وإلّا ، فلا ». ١
وقال الحلبي الشافعي : « ... جرت عادة كثير من الناس : إذا سمعوا بذكر وصفه (ص) ٢ أن يقوموا تعظيماً له (ص).
وهذا القيام بدعة ، لا أصل لها. أي ولكن هي بدعة حسنة ، لأنه ليس كل بدعة مذمومة ، وقد قال سيدنا عمر (رض) في اجتماع الناس لصلاة التراويح : نعمت البدعة هي. ٣
وقد قال العزيز بن عبد السلام : إن البدعة تعتريها الأحكام الخمسة ، وذكر من أمثلة كل ما يطول ذكره .. ٤ ولا ينافي ذلك قوله (ص) : « إيّاكم ومحدثات الأمور ، فان كل بدعة ضلالة » وقوله (ص) : « من أحدث في أمرنا ، أي شرعنا ، ما ليس منه ، فهو ردُّ عليه ». لأن هذا عام أريد به خاص ، فقد قال إمامنا الشافعي قدس الله سره : ما أحدِثَ وخالف كتاباً أو سنَّة ، أو إجماعا أو أثراً ، فهو البدعة
__________________
١ ـ رسالة حسن المقصد ، المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم / ص ٨٨ ، والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيين / ص ١١٤.
٢ ـ أي ولادته (ص).
٣ ـ كلام عمر موجود أيضا في : تهذيب الأسماء واللغات ، قسم اللغات / ج ١ / ص ٢٣ ، ونصب الراية / ج ٢ / ص ١٥٣ ، ودلائل الصدق / ج ٣ / قسم ١. وحول استحسان بعض البدع ، راجع : المصنف / ج ٣ / ص ٧٨ و ٧٩ و ٨٠.
٤ ـ راجع كلام العزيز بن عبد السلام أيضا في تهذيب الأسماء واللغات / قسم اللغات / ج ١ / ص ٢٢ / ٢٣ ، وفي القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص ٤٧ عن قواعد الأحكام في مصالح الأنام / ج ٢ / ص ١٧٢ ـ ١٧٤ ، وقريب منه كلام القرافي الذي نقله عنه الشاطبي في الاعتصام / ج ١ / ص ١٤٧ ـ ١٥٠.