ولكننا نودُّ أن نشير هنا إلى أمر آخر لم نتعرض له هناك ، وخلاصته :
اننا نعتقد : أن ما ورد من الأحاديث التي تحث على صيام يوم عاشوراء ، لا يمكن أن تصح ، وقد بحثنا هذا الموضوع مفصلا في كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلَّى الله عليه وآله وسلم / ج ٣ / ص ١٠٤ ـ ١١٠.
وذلك لأنه صلَّى الله عليه وآله وسلم كان يكره موافقة أهل الكتاب في كلِّ أحوالهم ، حتى قالت اليهود : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلّا خالفنا فيه ... ١ وفي الحديث : « من تشبَّه بقوم فهو منهم ». ٢
بالاضافة إلى التناقض الشديد بين الروايات المشار إليها ... ٣
هذا عدا عن أن اسم عاشوراء إسلامي لا يعرف في الجاهلية. ٤
ولسنا هنا في صدد تقصّي هذا البحث ، فمن أراد المزيد فليراجع : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلَّى الله عليه وآله وسلم. وسيأتي المزيد من الكلام حول يوم عاشوراء في فصل : لن يخدع السراب.
وقد استدل بعض الاصدقاء ٥ في مقال له حول نفس هذا الموضوع بقوله تعالى : « ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ » ٦.
على اعتبار : أن شعائر الله سبحانه هي أعلام دينه ، خصوصا ما يرتبط
__________________
١ ـ راجع : الدخل لابن الحاج / ج ٢ / ص ٤٨ ، والسيرة الحلبية / ج ٢ / ص ١١٥ ، ومفتاح كنوز السنَّة عن عدد من المصادر ، ومسند أحمد / ج ٣ / ص ٢٤٦ ، والجامع الصحيح للترمذي / ج ٥ / ص ٢١٤ / ٢١٥ ، وصحيح مسلم / ج ١ / ص ١٦٩ ، وسنن أبي داود / ج ٢ / ص ٢٥٠ / وج ١ / ص ٦٧ ، وسنن الدارمي / ج ١ / ص ٢٤٥ وسنن النسائي / ج ١ / ص ١٨٧.
٢ ـ المدخل لابن الحاج / ج ٢ / ص ٤٨ ، وسنن أبي داود / ج ٤ / ص ٤٤ ، ومسند أحمد / ج ٢ / ص ٥٠ ، ومجمع الزوائد ، / ج ١٠ / ص ٢٧١ عن الطبراني في الأوسط.
٣ ـ الصحيح من سيرة النبي / ج ٣ / ص ١٠٥.
٤ ـ مجمع البحرين / ج ٣ / ص ٤٠٥ ، والجمهرة في لغة العرب لابن دريد / ج ٤ / ص ٢١٢ ، والنهاية لابن الأثير / ج ٣ / ص ٢٤٠.
٥ ـ المستدل هو صديقنا الشيخ رسول جعفريان حفظه الله في مقال له حول هذا الموضوع.
٦ ـ الحج / ٣٢ ـ ٣٣.