فبالاستناد إلى أبي أسامة ، عن حماد بن زيد ، عن هشام بن محمد بن سيرين ، قال : « اتي علي رضي الله عنه بهدية بمثل النيروز ، فقال :
ما هذا ؟
قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا يوم النيروز.
قال : فاصنعوا كل يوم نيروزاً.
قال أسامة : كره رضي الله عنه أن يقول : النيروز ».
قال البيهقي : وفي هذا ، الكراهة لتخصيص يوم لذلك ، لم يجعله الشرع مخصوصاً به » ١.
وقال ابن تيمية : « وأما علي رضي الله عنه ، فكره موافقتهم في اسم يوم العيد ، الذي ينفردون به ، فكيف بموافقتهم في العمل ؟! ٢
ولكننا بدورنا لم نفهم مما تقدم : أنه عليه السّلام كره موافقتهم بالاسم ، بل نراه عليه السلام قد صرَّح باسمه ، وأحبَّ أن يطلقه على كل يوم ، وإلّا لكان عليه أن يقول مثلاً : « فاصنعوا كل يوم مثل هذا ».
ونرى أنه عليه السّلام قد شجَّعهم على أعمال من هذا القبيل ، ولم ينههم عنها .. وإلّا .. فقد كان اللّازم عليه أن يصرِّح لهم بالنهي عن هذا التخصيص ، لا أن يكتفي بطلب عمل ذلك في كل يوم.
كما أنه لو كان عليه السلام قد كره ذلك ، فقد كان عليه أن يرفض هديتهم النيروزية تلك. ولكنه لم يفعل ذلك.
هذا .. وقد « كانت العادة عامة في الاحتفال بعيد النيروز ، وهو مبدأ السنة الشمسية ، بتبادل الهدايا ، فكان الخليفة في بغداد يفرق على الناس أشياء منها صور مصنوعة من عنبر ، منها ورد احمر مثلا ». ٣
والمقصود بالخليفة الذي كان يفعل ذلك هو الذي يلقبه الحنابلة وأهل
__________________
١ ـ إقتضاء الصراط المستقيم / ص ٢٠٠ ، وراجع : ص ٢٥٠.
٢ ـ إقتضاء الصراط المستقيم / ص ٢٠١.
٣ ـ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري / ج ٢ / ص ٢٩٣.