وتشدُّ الذكرى من قوة هذا الارتباط فيما بينهم وبينها ، وترسِّخها في نفوسهم ، وتعيدهم إلى واقعهم.
وهكذا يقال بالنسبة للاحترام الذي يخصون به بعض الأيّام ، أو بعض الأماكن ، وقديما قيل :
مررت على الديار ديار ليلى |
|
أقبِّل ذا الجدارَ وذا الجدارا |
وما حبُّ الديار شغفن قلبي |
|
ولكن حبُّ من سكن الديارا |
ويلاحظ : أن الاهتمام بإقامة الذكريات والاحتفال بالمناسبات ، التي تمثل تحوّلاً من نوع ما في حياة الناس عامة ، لا يقتصر على فئة دون فئة ، ولا يختص بفريق دون فريق فالكبير والصغير ، والغني والفقير ، والملك والسُّوقة ، والعالم والجاهل ، والمؤمن والكافر ، وغيرهم وغيرهم ، الكل يشارك في إقامة الذكريات للمثل والقيم ، ومن يمثلها حسب قدارته وإمكاناته.
فهذه الشمولية تعطينا : أن هذا الأمر لا يعدو عن أن يكون تلبية لحاجة فطرية ، تنبع من داخل الإنسان ، ومن ذاته ، وتتصل بفطرته وسجيته ، حينما يشعر : أنه بحاجة الى أن يعيش مع ذكرياته ، وآماله ، وإلى أن يتفاعل مع ما يجسِّد له طموحاته.
فيوم ولادة النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم هو يوم فرح للمسلمين ، ويوم عيد وبهجة لهم. ولا بدَّ وأن يستجيب الإسلام لنداء الفطرة ، ويلبي رغباتها ما دامت منسجمة مع منطلقاته وأهدافه ، ولا يحرمها من عطاء رحمته وبرِّه .. مادام أنّه دين الفطرة ، الذي يوازن بين جميع مقتضياتها ويعطيها حجمها الطبيعي ، من دون أن يكون ثمة إهمال مضرٌّ ، أو طغيان مدمِّر.
وهذه هي عظمة تعاليم الاسلام ، وهذا هو رمز الخلود له .. وفَّقنا الله للسيرِ على هدى هذا الدين ، والالتزام بشريعة ربِّ العالمين ، إنَّه خير مأمول وأكرم مسؤول.
هذا .. وقد قال العلامة الأميني رحمه
الله تعالى : « لعل تجديد الذكرى بالمواليد والوفيات ، والجري على مواسم النهضات الدينيَّة ، أو الشعبيَّة العامة ،
والحوادث العالميَّة الاجتماعية ، وما يقع من الطوارق المهمة ، في الطوائف