التنبيه الرابع :
بعد فرض تنجز الواقع في موارد ترك الفحص والتعلّم لا محالة يكون ترك التعلّم تقصيراً ومعصية مستحقاً فاعله للعقوبة إذا أدّى إلى مخالفة الواقع ، ولا يكون ما يأتي به المكلّف مجزياً عنه بحيث لو علم بالواقع وجبت الاعادة.
إلاّ أنّ المشهور خالفوا ذلك في مسألتين فقهيتين مشهورتين احداهما الجهر موضع الاخفات في الفريضة أو بالعكس جهلاً ـ ولو كان عن تقصير ـ والآخر الاتمام مكان القصر جهراً ، فإنّه قد حكم فيه المشهور باستحقاق الجاهل المقصّر لحكم الجهر والاخفات والقصر في السفر للعقاب ومع ذلك يكون الفعل الذي جاء به خلافاً للواقع صحيحاً ومجزياً لا تجب على صاحبه الاعادة حتى إذا علم بالحكم الواقعي في أثناء الوقت.
فكأنّ الملازمة بين تحقق المعصية بلحاظ مخالفة الواقع وعدم صحة المأتي به على خلافه قد اختلّت في هاتين المسألتين.
ومن هنا تعرّض الاصوليين لكيفية تخريج هذه الفتوى المشهورة وتوجيه امكانها ثبوتاً.
أمّا البحث الاثباتي فهو بحث فقهي مبناه استفادة ذلك من الجمع بين إطلاق أدلّة وجوب القصر وكذلك الجهر والتمام حتى للجاهل بالحكم وأدلّة وجوب التعلّم مع ما دلّ على عدم وجوب الاعادة على الجاهل في هاتين المسألتين ، فإنّ المستفاد من الروايات الواردة في ذلك عدم وجوب الاعادة على الجاهل ، حتى إذا كان مقصراً ولو ارتفع جهله في أثناء الوقت ، وهذا المقدار من المفاد يمكن أن يجتمع مع أدلّة وجوب القصر والجهر والاخفات حتى على الجاهل ،