وكلا المطلبين قابل للدفع :
أمّا الثاني : فلأنّه لو سلّمنا عدم وجود ما يكون ظاهراً في الإطلاق من هذه الناحية كفانا الفهم العرفي الذي لا يرى فرقاً بين الملاقاة الاولى والثانية مع النجاسة من حيث التأثير والسراية فإنّ النجاسة وسرايتها أمر عرفي وليس تعبدياً صرفاً.
نعم ، في مثل بدن الحيوان الذي يطهر بزوال العين على القول بنجاسته لا بأس بدعوى عدم الإطلاق وعدم الملازمة العرفية لخفة مثل هذه النجاسة.
وامّا الأوّل : فيمكن دفعه أوّلاً ـ بأنّه لا فرق من حيث مؤنة الجعل بين جعل النجاسة على طبيعي الملاقاة بنحو صرف الوجود أو مطلق الوجود ، وحيث انّ العرف لا يرى فرقاً بين الملاقاة الاولى والثانية في السراية والتأثير فلا يبعد استظهار ارادة الطبيعي بنحو مطلق الوجود أي انّ كل ملاقاة منجسة غاية الأمر المطهر غسل واحد لا متعدد.
وثانياً ـ فرض الموضوع هو الملاقاة مع النجس بنحو صرف الوجود في باب الحكم الوضعي مثل النجاسة لا يستلزم تقييد الطبيعة بالوجود الأوّل للملاقاة ، بل لطبيعي الملاقاة بنحو صرف الوجود المنطبق على الوجودين بعد تحققهما معاً ، فكما انّه إذا وجد فردان من الملاقاة للنجس في زمن واحد يكون الموضوع هو صرف الوجود للملاقاة ، التي ينتسب اليها معاً ، لا إلى أحدهما دون الآخر ، كذلك في الفردين الطوليين في الزمان بعد تحقق الثاني منهما بقاءً ، تكون النجاسة المجعولة منتسبة إلى صرف وجود الطبيعة للملاقاة المتحققة بقاءً بهما معاً ، لا بأحدهما دون الآخر ، وهذا يعني انّ الاستصحاب المنقح للملاقاة يكون محرزاً لصرف الوجود لا محالة ، سواءً كانت اولى أو ثانية ، فتدبر جيداً.