ثمّ ليعلم انّ المشروط بالقدرة الشرعية بالمعنى الثالث وإن كان يثبت فيه ترجيح غير المشروط بها على المشروط بها إلاّ انّه خارج عن باب التزاحم إذ في مثل هذه الفرضية لا يكون المشروط بالقدرة الشرعية بهذا المعنى وجوبه فعلياً أصلاً حتى لو ترك الآخر ولهذا لا يقع الاتيان به امتثالاً أصلاً ، وهذا خارج عن باب التزاحم إذ المفروض فيه فعلية التكليفين معاً في الجملة بحيث لو جاء بأحدهما كان امتثالاً. وهذا يعني انّ القدرة الشرعية التي تكون من مرجحات باب التزاحم إنّما هي القدرة الشرعية بالمعنى الثاني أي ما إذا كان الاشتغال بواجب آخر رافعاً للملاك واثبات هذا المعنى من القدرة الشرعية من أخذ القدرة أو الاستطاعة في لسان الدليل مشكل جداً بل امّا أن يكون ظاهره دخل القدرة المقابل للعجز التكويني في الملاك وهو لا ينفع في الترجيح لحصوله في الواجبين معاً أو يكون ظاهراً في أخذ القدرة الشرعية بالمعنى الثالث وهو يخرجه عن باب التزاحم المصطلح.
ص ٧٤ قوله : ( وهذا الأمر غير تام إذ يرد عليه ... ).
كلا الايرادين إنّما يتمان في الأحكام ذات الملاكات غير المفهومة والمعروفة عند العقلاء كالملاكات التوقيفية وإلاّ كان إطلاق الملاك لمورد العجز مدلولاً التزامياً لأصل الخطاب بل قد يدعى ظهور عرفي في كل خطاب شرعي انّه كالخطاب العرفي الذي لا يكون ملاكه عادة منوطاً بالقدرة ومرفوعاً بالعجز ما لم يقيد الخطاب من قبل المشرع والمولى بفرض القدرة ، ومثل هذا الظهور ليس ببعيد ، خصوصاً في التكاليف التي ملاكاتها مأنوسة في الذهنية العقلائية ، امّا في مثل الأموال والفروج والنفوس ونحوها فمما يقطع باطلاق ملاكاتها وعدم ارتفاعها بالعجز.