واقعة واقعة لا يثبت أكثر من التخيير الابتدائي ، امّا لظهورها في ذلك أو الإجمال من هذه الناحية.
وأمّا الوجه الثاني : أعني استصحاب التخيير أو الحجّية التخييرية ، فقد اورد عليه بايرادين :
أحدهما ـ ما تقد من أخذ التحيّر في موضوع التخيير ، وهو مرتفع ، وقد عرفت جوابه.
والآخر ـ ما ذكره السيد الشهيد والسيد الخوئي من انّه لو اريد استصحاب التخيير التكليفي الطريقي بالالتزام بأحدهما ، فهو لا يثبت حجّية ما يؤخذ به إلاّ بنحو الأصل المثبت ، ولو اريد استصحاب الحجّية التي هي حكم وضعي فأركانه تامة في ما التزم به ، وأمّا ما لم يلتزم به في الواقعة الاولى فحالته السابقة عدم الحجّية ، كما انّ الأصل العقلي فيه يقتضي عدم الحجّية ، إلاّ إذا اريد الاستصحاب التعليقي ، وهو غير حجة ومعارض مع التنجيزي ، خصوصاً في المقام كما في الكتاب.
وقد يقال : انّ هذا الاشكال تأثر مع عالم الصياغة والقوالب الاعتبارية للتخيير الاصولي ، وأمّا بناءً على ما تقدم من انّ روح الحكم الظاهري المجعول واحدة في المقام ، وهو اهتمام المولى بمقدار ان لا يخالف المكلف كلا الخبرين مع كونه مطلق العنان فيما بينهما ، فهذه الروح هي مجرى الاستصحاب ، وتتم أركانه فيها خصوصاً إذا أرجعنا الحجّية التخييرية إلى جعل الحجّية على الجامع ، فيكون كالتخيير التكليفي مجرىً للاستصحاب ، ولا مجرى لاستصحاب آخر تنجيزي ؛ إذ لا يوجد حجّية لما يختاره بالخصوص تعييناً حتى بعد الالتزام.