المحاذير العقلية المتقدمة في وجه عدم جريان الاصول الترخيصية في تمام أطراف العلم الإجمالي ، والتي هي من لوازم العلم الإجمالي الوجداني بالالزام الواقعي ، وهي لا يقوم مقامها الاستصحاب حتى عند القائلين بقيام الأمارات والاستصحاب أو مطلق الاصول المحرزة مقام القطع الموضوعي ، فإنّهم إنّما يقولون بذلك فيما إذا كان أثر العلم الموضوعي مترتباً على عنوان العلم لا لوازمه ، وأن يكون الترتب شرعياً لا لمحذور وقيد عقلي ، وكلا الأمرين غير متوفر في المقام.
٢ ـ انّ الاستصحابين الترخيصيين في الطرفين ساقطان بالمعارضة سابقاً ، أي عند الصباح ـ مثلاً ـ الذي كان يعلم فيه وجداناً بالحكم الالزامي ، وبعد سقوط الأصل وموته لا يعود إلى الحياة من جديد ، فلا معنى لاجرائهما عند الزوال ـ مثلاً ـ فإنّهما نفس الاستصحابين الذين تعارضا وتساقطا سابقاً ، وصار العلم الإجمالي منجزاً في وقته ، وليسا استصحابين آخرين ، فلا يكون الجاري إلاّ استصحاب الالزام الإجمالي.
وفيه : أوّلاً ـ تقدّم مراراً بأنّ التعارض بين الاصول الترخيصية في كل زمان فرع ثبوت المحذور في ذلك الزمان ، أمّا إذا ارتفع المحذور في الزمان اللاحق كان إطلاق دليل الأصل شاملاً له لا محالة ، والاستصحابان الترخيصيان في الطرفين حين الزوال لا يلزم من جريانهما الترخيص في المعصية ؛ لعدم وجود علم إجمالي بنجاسة أحدهما الآن ، ووجوده بلحاظ الزمان السابق أثره اسقاط الاستصحابين بلحاظ ذلك الظرف والزمان الذي كان فيه العلم محفوظاً ، لا زمان الشك وزوال ذاك العلم الإجمالي.